في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ} (175)

172

وكمثل للانحراف عن سواء الفطرة ، ونقض لعهد الله المأخوذ عليها ، ونكوص عن آيات الله بعد رؤيتها والعلم بها . . ذلك الذي آتاه الله آياته ، فكانت في متناول نظره وفكره ؛ ولكنه انسلخ منها ، وتعرى عنها ولصق بالأرض ، واتبع الهوى ؛ فلم يستمسك بالميثاق الأول ، ولا بالآيات الهادية ؛ فاستولى عليه الشيطان ؛ وأمسى مطروداً من حمى الله ، لا يهدأ ولا يطمئن ولا يسكن إلى قرار .

ولكن البيان القرآني المعجز لا يصوغ المثل هذه الصياغة ! إنما يصوره في مشهد حي متحرك ، عنيف الحركة ، شاخص السمات ، بارز الملامح ، واضح الانفعالات ؛ يحمل كل إيقاعات الحياة الواقعة ، إلى جانب إيقاعات العبارة الموحية :

( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ، فأتبعه الشيطان ، فكان من الغاوين . ولو شئنا لرفعناه بها ، ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ، فمثله كمثل الكلب . . إن تحمل عليه يلهث ، أو تتركه يلهث . . ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون . ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون ! ) . .

إنه مشهد من المشاهد العجيبة ، الجديدة كل الجدة على ذخيرة هذه اللغة من التصورات والتصويرات . . إنسان يؤتيه الله آياته ، ويخلع عليه من فضله ، ويكسوه من علمه ، ويعطيه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع . . ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا كله انسلاخاً . ينسلخ كأنما الآيات أديم له متلبس بلحمه ؛ فهو ينسلخ منها بعنف وجهد ومشقة ، انسلاخ الحي من أديمه اللاصق بكيانه . . أو ليست الكينونة البشرية متلبسة بالإيمان بالله تلبس الجلد بالكيان ؟ . . ها هو ذا ينسلخ من آيات الله ؛ ويتجرد من الغطاء الواقي ، والدرع الحامي ؛ وينحرف عن الهدي ليتبع الهوى ؛ ويهبط من الأفق المشرق فيلتصق بالطين المعتم ؛ فيصبح غرضاً للشيطان لا يقيه منه واق ، ولا يحميه منه حام ؛ فيتبعه ويلزمه ويستحوذ عليه . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ} (175)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ } . .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واتل يا محمد على قومك نبأ الذي آتيناه آياتنا ، يعني خبره وقصته . وكانت آيات الله للذي آتاه الله إياها فيما يقال اسم الله الأعظم ، وقيل النبوّة .

واختلف أهل التأويل فيه ، فقال بعضهم : هو رجل من بني إسرائيل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر بن المفضل ، قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله في هذه الاَية : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو بلعم .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، مثله .

قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : هو بلعم بن أَبر .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، في قوله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا قال : رجل من بني إسرائيل يقال له : بلعم بن أبر .

حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر وابن مهدي وابن أبي عديّ ، قالوا : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، أنه قال في هذه الاَية ، فذكر مثله ، ولم يقل ابن أبر .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عمرو ، عن منصور ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : رجل من بني إسرائيل يقال له : بلعم بن أبر .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عمران بن الحرث ، عن ابن عباس ، قال : هو بلعم بن باعرا .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، في قوله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا . . . إلى : فَكانَ مِنَ الغاوينَ هو بلعم بن أبر .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن الأعمش ، عن منصور عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود ، مثله ، إلاّ أنه قال ابن أبُر ، بضم الباء .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : فانْسَلَخَ مِنْها قال : بَلعام بن باعرا ، من بني إسرائيل .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، قال : سمعت مجاهدا يقول ، فذكر مثله .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، قال : أخبرني عبد الله بن كثير ، أنه سمع مجاهدا يقول ، فذكر مثله .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن وابن أبي عديّ ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال في الذي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو بلعام .

وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : هو بلعم .

قال : حدثنا عمران بن عيينة ، عن حصين ، عن عكرمة ، قال : هو بلعم .

حدثنا حميد بن مسعدة ، قال : حدثنا بشر ، قال : حدثنا شعبة ، عن حصين ، قال : سمعت عكرمة يقول : هو بَلعام .

حدثنا قال : حدثنا عبد العزيزي ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن حصين ، عن مجاهد ، قال : هو بلعم .

حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن مغيرة ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : هو بلعم . ( وقالت ثقيف : هو أمية بن أبي الصلت ) .

وقال آخرون : كان بلعم هذا من أهل اليمن . ذكر من قال ذلك .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو رجل يدعى بلعم من أهل اليمن .

وقال آخرون : كان من الكنعانيين . ذكر من قال ذلك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو رجل من مدينة الجبارين يقال له بلعم .

وقال آخرون : هو أمية بن أبي الصلت . ذكر من قال ذلك .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : حدثنا سعيد بن السائب ، عن غضيف بن أبي سفيان ، عن يعقوب ونافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو ، قال في هذه الاَية : الّذي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو أمية بن أبي الصلت .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، قال : أنبأنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم ، قال : قال عبد الله بن عمرو : هو صاحبكم أمية بن أبي الصلت .

حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن ووهب بن جرير ، قالا : حدثنا شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، عن نافع بن عاصم ، عن عبد الله بن عمرو بمثله .

حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا يحيى بن سعيد ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن رجل ، عن عبد الله بن عمرو : ولَكِنّهُ أخْلَدَ إلى الأرْض وَاتّبَعَ هَوَاهُ قال : هو أمية بن أبي الصلت .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا غندر ، عن شعبة ، عن يعلى بن عطاء ، قال : سمعت نافع بن عاصم بن عروة بن مسعود ، قال : سمعت عبد الله بن عمرو ، قال في هذه الاَية : الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو صاحبكم ، يعني أمية بن أبي الصلت .

قال : حدثنا أبي ، عن سفيان عن حبيب ، عن رجل عن عبد الله بن عمرو ، قال : هو أمية بن أبي الصلت .

قال : حدثنا يزيد ، عن شريك ، عن عبد الملك ، عن فضالة ، أو ابن فضالة ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : هو أمية .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا حكام ، عن عنبسة ، عن عبد الملك بن عمير ، قال : تذاكروا في جامع دمشق هذه الاَية : فانْسَلَخَ مِنْها فقال بعضهم : نزلت في بلعم بن باعوراء ، وقال بعضهم : نزلت في الراهب . فخرج عليهم عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقالوا : فيمن نزلت هذه ؟ قال : نزلت في أمية بن أبي الصلت الثقفي .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الكلبي : الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : هو أمية بن أبي الصلت ، وقال قتادة : يشكّ فيه ، يقول بعضهم : بلعم ، ويقول بعضهم : أمية بن أبي الصلت .

واختلف أهل التأويل في الاَيات التي كان أوتيها التي قال جلّ ثناؤه : آتَيْناهُ آياتِنا فقال بعضهم : كانت اسم الله الأعظم . ذكر من قال ذلك .

حدثني موسى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قال : إن الله لما انقضت الأربعون سنة ، يعني التي قال الله فيها : إنّها مُحَرّمَةٌ عَلَيْهِمْ أرْبَعِينَ سَنَةً بعث يُوشَعَ بن نون نبيا ، فدعا بني إسرائيل فأخبرهم أنه نبيّ وأن الله قد أمره أن يقاتل الجبارين ، فبايعوه وصدّقوه . وانطلق رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم ، وكان عالما يعلم الاسم الأعظم المكتوم ، فكفر وأتى الجبارين ، فقال : لا ترهبوا بني إسرائيل ، فاني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوة فيهلكون وكان عندهم فيما شاء من الدنيا ، غير أنه كان لا يستطيع أن يأتي النساء يعظمهن ، فكان ينكح أتانا له ، وهو الذي يقول الله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها : أي تنصل فانسلخ منها ، إلى قوله : وَلَكِنّهُ أخْلَدَ إلى الأرْضِ .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الّذِي آتَيْناهُ آياتِنا قال : هو رجل يقال له : بلعم ، وكان يعلم اسم الله الأعظم .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبأَ الّذي آتَيْناهُ آياتِنا فانْسَلَخَ مِنْها قال : كان لا يسأل الله شيئا إلاّ أعطاه .

وقال آخرون : بل الاَيات التي كان أوتيها كتاب من كتب الله . ذكر من قال ذلك .

حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا أبو تُمَيلة ، عن أبي حمزة ، عن جابر ، عن مجاهد وعكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان في بني إسرائيل بَلعام بن باعر أوتي كتابا .

وقال آخرون : بل كان أوتي النبوّة . ذكر من قال ذلك .

حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو سعد ، عن غيره ، قال : الحارث قال : عبد العزيز يعني عن غير نفسه عن مجاهد ، قال : هو نبيّ في بني إسرائيل ، يعني بَلعم ، أوتي النبوّة ، فرشاه قومه على أن يسكت ، ففعل وتركهم على ما هم عليه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، أنه سئل عن الاَية : وَاتْلُ عَلَيهِمْ نَبأَ الّذي آتَيْناهُ آياتنا فانْسَلَخَ مِنْها فحدّث عن سيّار أنه كان رجلاً يقال له بَلْعَام ، وكان قد أوتي النبوّة ، وكان مجاب الدعوة .

قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك أن يقال : إن الله تعالى ذكره أمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتلو على قومه خبر رجل كان الله آتاه حججه وأدلته ، وهي الاَيات .

وقد دللنا على أن معنى الاَيات الأدلة والأعلام فيما مضى بما أغنى عن إعادته ، وجائز أن يكون الذي كان الله آتاه ذلك بلعم ، وجائز أن يكون أمية ، وكذلك الاَيات إن كانت بمعنى الحجة التي هي بعض كتب الله التي أنزلها على بعض أنبيائه ، فتعلمها الذي ذكره الله في هذه الاَية ، وعناه بها فجائز أن يكون الذي كان أوتيها بلعم ، وجائز أن يكون أمية ، لأن أمية كان فيما يقال قد قرأ من كتب أهل الكتاب ، وإن كانت بمعنى كتاب أنزله الله على من أمر نبيّ الله عليه الصلاة والسلام أن يتلو على قومه نبأه أو بمعنى اسم الله الأعظم أو بمعنى النبوّة ، فغير جائز أن يكون معنيا به أمية لأن أمية لا تختلف الأمة في أنه لم يكن أوتي شيئا من ذلك . ولا خبر بأيّ ذلك المراد وأيّ الرجلين المعنيّ يوجب الحجة ولا في العقل دلالة على أن ذلك المعنيّ به من أيّ . فالصواب أن يقال فيه ما قال الله ، ويقرّ بظاهر التنزيل على ما جاء به الوحي من الله .

وأما قوله : فانْسَلَخَ مِنْها فإنه يعني : خرج من الاَيات التي كان الله آتاها إياه ، فتبرأ منها .

وبنحو ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : لما نزل موسى عليه السلام يعني بالجبارين ومن معه آتاه يعني بلعم بنو عمه وقومه فقالوا : إن موسى رجل حديد ، ومعه جنود كثيرة ، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا . فادع الله أن يردّ عنا موسى ومن معه قال : إني إن دعوت الله أن يردّ موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي . فلم يزالوا به حتى دعا عليهم ، فسلخه الله مما كان عليه ، فذلك قوله : فانْسَلَخَ مِنْها فَأتْبَعَهُ الشّيْطانُ فَكانَ مِنَ الغاوِينَ .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : كان الله آتاه آياته فتركها .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج : قال ابن عباس : فانْسَلَخَ مِنْها قال : نزع منه العلم .

وقوله : فَأتْبَعَهُ الشّيْطانُ يقول : فصيره لنفسه تابعا ينتهي إلى أمره في معصية الله ، ويخالف أمر ربه في معصية الشيطان وطاعة الرحمن . وقوله : فَكانَ مِنَ الغاوينَ يقول : فكان من الهالكين لضلاله وخلافه أمرَ ربه وطاعة الشيطان .