تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (30)

{ 30 - 32 } { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ }

يخبر تعالى عن أوليائه ، وفي ضمن ذلك ، تنشيطهم ، والحث على الاقتداء بهم ، فقال : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } أي : اعترفوا ونطقوا ورضوا بربوبية الله تعالى ، واستسلموا لأمره ، ثم استقاموا على الصراط المستقيم ، علمًا وعملاً ، فلهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

{ تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ } الكرام ، أي : يتكرر نزولهم عليهم ، مبشرين لهم عند الاحتضار . { أَلَّا تَخَافُوا } على ما يستقبل من أمركم ، { وَلَا تَحْزَنُوا } على ما مضى ، فنفوا عنهم المكروه الماضي والمستقبل ، { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } فإنها قد وجبت لكم وثبتت ، وكان وعد الله مفعولاً .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (30)

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 ) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ( 31 ) نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } .

ذُكر عن ابن عباس قوله : نزلت هذه الآية الكريمة في أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وذلك أن المشركين قالوا ربنا الله ، والملائكة بناته ، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله فلم يستقيموا . وقال أبو بكر : ربنا الله وحده لا شريك له ومحمد صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله فاستقام . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي معنى { اسْتَقَامُوا } ففي صحيح مسلم عن سفيان ابن عبد الله الثقفي قال : قلت : يا رسول الله ، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك ، قال : " قل : آمنت بالله ثم استقم " وروي عن أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه ) أنه قال : { ثم استقاموا } لم يشركوا بالله شيئا . وقيل : استقاموا على أداء فرائضه وأخلصوا له الدين والعمل .

قوله : { تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ } أي تتنزل عليهم عند الموت ، وقيل : إذا قاموا من قبورهم . وقيل : البشرى للمؤمنين في ثلاثة مواطن : عند الموت ، وفي القبر ، وعند البعث .

قوله : { أَلاَّ تَخَافُوا } تقول لهم الملائكة على سبيل البشرى لهم : لا تخافوا الموت . أو لا تخافوا ما أنتم قادمون عليه في الآخرة . أي لا تخافوا ما أمامكم { وَلاَ تَحْزَنُوا } على ما بعدكم ، أو على ما خلَّفتموه في دنياكم من الأهل والولد والمال ، فإنا نخلفكم فيه .

قوله : { وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ } تبشرهم الملائكة بما وعدهم الله به في الآخرة من النعيم المقيم في الجنة جزاءً بما عملوا في الدنيا من أوْجُه الطاعة والاستقامة .