النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسۡتَقَٰمُواْ تَتَنَزَّلُ عَلَيۡهِمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ أَلَّا تَخَافُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَبۡشِرُواْ بِٱلۡجَنَّةِ ٱلَّتِي كُنتُمۡ تُوعَدُونَ} (30)

قوله عز وجل : { إن الذين قالوا{[2442]} ربنا اللّهُ } قال ابن عباس : وحّدوا الله تعالى .

{ ثم استقاموا } فيه خمسة أوجه :

أحدها : ثم استقاموا على أن الله ربهم وحده ، وهو قول أبي بكر رضي الله عنه ومجاهد .

الثاني : استقاموا على طاعته وأداء فرائضه ، قاله ابن عباس والحسن وقتادة .

الثالث : على إخلاص الدين والعلم إلى الموت ، قاله أبو العالية والسدي .

الرابع : ثم استقاموا في أفعالهم كما استقاموا في أقوالهم .

الخامس : ثم استقاموا سراً كما استقاموا جهراً .

ويحتمل سادساً : أن الاستقامة أن يجمع بين فعل الطاعات واجتناب المعاصي لأن التكليف يشتمل على أمر بطاعة تبعث على الرغبة ونهي عن معصية يدعو إلى الرهبة .

{ تتنزل عليهم الملائكة } فيه قولان :

أحدهما : تتنزل عليهم عند الموت ، قاله مجاهد وزيد بن أسلم .

الثاني : عند خروجهم من قبورهم للبعث ، قاله ثابت ومقاتل .

{ ألا تخافوا ولا تحزنوا } فيه تأويلان :

أحدهما : لا تخافوا أمامكم ولا تحزنوا على ما خلفكم ، قاله عكرمة .

الثاني : لا تخافوا ولا تحزنوا على أولادكم{[2443]} . وهذا قول مجاهد .

{ وأبشروا بالجنة } الآية . قيل{[2444]} إن بشرى المؤمن في ثلاثة مواطن : أحدها عند الموت ، ثم في القبر ، ثم بعد البعث .


[2442]:قال عطاء عن ابن عباس نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
[2443]:أي فإن الله خليفتكم عليهم.
[2444]:هذا القول مروي عن وكيع وابن زيد.