{ إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون( 30 )نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون( 31 )نزلا من غفور رحيم( 32 ) } .
بعد بيان خزي وخسران الكفار الفجار ، بشّر الله الحق بربح وأمن وفوز المتقين الأبرار ، من أقر بالتوحيد ، وشهد أن لا إله إلا الله ، وانتهوا إلى طاعته فيما أمر ونهى ؛ أو : { استقاموا } فلم يلتفتوا إلى غيره[ وربما يكون { قالوا ربنا الله } إشارة إلى التصديقات والعلوم النظرية ، وهذه رأسها وأصلها ، وفي { ثم استقاموا } إشارة إلى الحكم العملية ، وجملتها الاستقامة على الوسط دون ميل إلى أحد شقي الإفراط والتفريط ] . {[4170]} .
تتنزل عليهم الملائكة عند الموت قائلين : لا تخافوا ما تُقْدمون عليه بعد مماتكم ، ولا تحزنوا على ما تخلفونه وراءكم من أهل وولد فإنا نخلفكم في ذلك كله ، وأبشروا بالجنة التي وعدتموها في الدنيا على إيمانكم بالله ، واستقامتكم على طاعته ؛ وهكذا باستقامة القول والفعل- فعل القلب والجوارح- يتحقق الإيمان .
روى مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال : قلت يا رسول الله ! قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك- وفي رواية غيرك- قال : ( قل آمنت بالله ثم استقم ){[4171]} .
وصحح الحفاظ عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه ) قلنا يا رسول الله : كلنا نكره الموت ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس ذلك كراهية الموت ولكن المؤمن إذا حُضر جاءه البشير من الله تعالى بما هو صائر إليه فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي الله تعالى فأحب الله لقاءه . . ) .
ومن جملة قول الملائكة الذين ينزلون على المؤمنين حالة اللحوق بربهم : نحن نتولاكم بالحفظ في الأولى وفي العقبى ، كنا قرناءكم في الدنيا نسددكم ونوفقكم بأمر الله ؛ وكذلك نكون معكم في الآخرة نؤنس منكم الوحشة في القبور ، وعند النفخ في الصور ، ونؤمنكم يوم البعث والنشور ، ونجاوز بكم الصراط ، ونوصلكم إلى الجنات ، فيؤمّن الله تعالى خوفه ويُقرّ عينه ، فما عظيمة يخشى الناس يوم القيامة إلا هي للمؤمن قرة عين بما هداه ربه إليه من عمل في الدنيا .
[ فللملائكة تأثيرات في الأرواح بالإلهامات الحسنة والخواطر الشريفة ، كما للشياطين تأثيرات بإلقاء الوساوس والهواجس . . وإذا كانت هذه الولاية ثابتة في الدنيا بحكم المناسبة النُورية- بين الملك وبين المؤمن رباط النورانية في كل منهما ، فنور الإيمان في الآدمي يربطه بالملك الذي هو نورانيّ- كانت بعد الموت أقوى وأظهر لزوال العلائق الجسمانية ؛ وقيل : في الحياة الدنيا بالاستغفار ؛ وفي الآخرة بالشفاعة ؛ وقيل : كنا نحفظكم في الدنيا ، ولا نفارقكم في الآخرة حتى تدخلوا الجنة ، ولكم في الجنة ما تشتهي أنفسكم من الحظوظ الجسمانية ولكم فيها ما تتمنون من المواهب الروحية ]{[4172]} ؛ ثوابا وإكراما من رب يستر زلات من استغفره- وإن كثرت- واسع الرحمة فلا يهلك عليه إلا هالك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.