تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

{ 10 } { إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }

هذه المبايعة التي أشار الله إليها هي { بيعة الرضوان } التي بايع الصحابة رضي الله عنهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، على أن لا يفروا عنه ، فهي عقد خاص ، من لوازمه أن لا يفروا ، ولو لم يبق منهم إلا القليل ، ولو كانوا في حال يجوز الفرار فيها ، فأخبر تعالى : أن الذين بايعوك حقيقة الأمر أنهم { يُبَايِعُونَ اللَّهَ } ويعقدون العقد معه ، حتى إنه من شدة تأكده أنه قال : { يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } أي : كأنهم بايعوا الله وصافحوه بتلك المبايعة ، وكل هذا لزيادة التأكيد والتقوية ، وحملهم على الوفاء بها ، ولهذا قال : { فَمَنْ نَكَثَ } فلم يف بما عاهد الله عليه { فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ } أي : لأن وبال ذلك راجع إليه ، وعقوبته واصلة له ، { وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ } أي : أتى به كاملا موفرا ، { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا } لا يعلم عظمه وقدره إلا الذي آتاه إياه .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

{ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } هذا تشريف للنبي صلى الله عليه وسلم حيث جعل مبايعته بمنزلة مبايعة الله ثم أكد هذا المعنى بقوله : { يد الله فوق أيديهم } وذلك على وجه التخييل والتمثيل يريد أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تعلو يد المبايعين له هي يد الله في المعنى وإن لم تكن كذلك في الحقيقة وإنما المراد أن عقد ميثاق البيعة مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، كعقده مع الله كقوله : { من يطع الرسول فقد أطاع الله } [ النساء : 80 ] وتأول المتأولون ذلك بأن يد الله معناها النعمة أو القوة وهذا بعيد هنا ونزلت الآية في بيعة الرضوان تحت الشجرة وسنذكرها بعد .

{ فمن نكث فإنما ينكث على نفسه } يعني : أن ضرر نكثه على نفسه ويراد بالنكث هنا نقض البيعة .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

قوله : { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } أي الذين يبايعونك بالحديبية يا محمد من المؤمنين { إنما يبايعونك الله } إنما بيعتهم لله . والمراد بها بيعة الرضوان .

قوله : { يد الله فوق أيديهم } أي نعمة الله عليهم فوق إحسانهم إلى الله . وقيل : نصرة الله إياهم أقوى وأعظم من نصرتهم إياه . وقيل غير ذلك . قوله : { فمن نكث فإنما ينكث على نفسه } أي فمن نقض العهد بعد البيعة فإنما ينقض على نفسه . يعني ضرر ذلك النكث يرجع على نفسه بحرمانه حسن الجزاء وإلزامه العقاب .

قوله : { ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما } يعني ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الطاعة لله ورسوله والصبر على مجاهدة العدو لنصرة دين الله فسوف يؤتيه الله عظيم الثواب والجزاء .

على أن هذه البيعة ، وهي بيعة الرضوان كانت تحت شجرة بالحديبية وكان الصحابة ( رضوان الله عليهم ) الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ألفا وأربعمائة على الراجح . وفي ذلك روى البخاري عن جابر ( رضي الله عنه ) قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة {[4257]} .


[4257]:تفسير ابن كثير جـ 4 ص 185 وتفسير الرازي جـ 28 ص 87 وتفسير القرطبي جـ 16 ص 266 – 268.