الآية 10 وقوله تعالى : { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله } أجمع أهل التأويل أو عامتهم على أن المبايعة المذكورة في هذه الآية ، هي البيعة التي كانت بالحُديبيّة ؛ بايعوه على ألا يفرّوا إذا لقوا عدوًّا .
قال معقل بن يسار : لقد رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه وسلم يبايعُه الناس ، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه ، ونحن أربع عشرة مائة ، أي ألف وأربع مئة نفر . وقال : لم نبايعه على الموت ، ولكن بايعناه على ألا نفرّ .
وجائز أن تكون المبايعة على ألا يفرّوا كما ذكر في آية أخرى : { ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولّون الأدبار } [ الأحزاب : 15 ] .
والمبايعة هي المعاهدة . ألا ترى أنه قال في الآية{[19534]} : { ومن أوفى بما عاهد عليه الله } ذكر في أول الآية المبايعة وفي آخرها المعاهدة ليُعلم أن المبايعة والمعاهدة سواء ، والله أعلم .
ثم إضافة مبايعتهم رسوله إلى نفسه تحتمل وجهين :
[ والثاني : ]{[19535]} ذكر ، ونسب [ المبايعة ]{[19536]} إلى نفسه لعظيم قدره وجليل منزلته عنده ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { يد الله فوق أيديهم } قال بعضهم : يد الله فوق جزاء المبايعة فوق أيديهم في المبايعة ، أو كلام نحوه .
وجائز أن يكون قوله تعالى : { يد الله فوق أيديهم } أي يد الله في الجزاء إذا وفوا بالعهد فوق أيديهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه لما بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لهم عنده يد ، فيُخبر أن جزاء الله الذي{[19537]} يجزيهم بوفاء [ تلك اليد ]{[19538]} المبايعة فوق أيديهم التي لهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم .
ويحتمل أن يكون ما ذكر من يد الله وإضافتها إليه ، يريد{[19539]} بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يقول : يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما بايعوه كقوله تعالى : { يمُنّون عليك أن أسلموا } الآية [ الحجرات : 17 ] فيخبر أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق أيديكم عنده بالمبايعة التي بايعتم ، والله أعلم .
ويحتمل أن يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدّ والبسط بالمبايعة فوق أيديهم ، أي توفيق الله إياكم ومعونته على مبايعتكم رسوله فوق وخير من وفائكم ببيعته وعهده ، والله أعلم .
وجائز أن يكون قوله : { يد الله فوق أيديهم } أي يد الله في النصر لرسوله فوق أيديهم كقوله تعالى : { وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم } [ آل عمران : 126 ] حقيقة النصر إنما تكون بالله تعالى ، ولا قوة إلا بالله . وقوله تعالى : فمن نكَث فإنما ينكُث على نفسه } هذا يخرّج على وجهين :
أحدهما : كقوله تعالى جملة : { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ فصلت : 46 ] فعلى ذلك من نكث فإنما له جزاء نكثِه ، وهي النار ، ومن أوفى فله ما ذكر من جزاء الوفاء .
والثاني : { فمن نكَث فإنما ينكَث على نفسه } أي من نكث عليه ضرر نكثه ، وإليه يرجع ذلك الضرر لا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ، لأن الله عز وجل وعد النصر له والظَّفر بأولئك . فمن نكث فإنما يُرجع ضرر نكثه إليه ؛ إذ الله تعالى يفي لرسوله صلى الله عليه وسلم ما وعد من النصر له ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.