إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَٰهَدَ عَلَيۡهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤۡتِيهِ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (10)

{ إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ } أيْ على قتالِ قُريشٍ تحتَ الشجرةِ . وقولُه تعالى : { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } خبرُ إن يعني أنَّ مبايعتَكَ هي مبايعةُ الله عزَّ وجلَّ لأنَّ المقصودَ توثيقُ العهدِ بمراعاةِ أوامِره ونواهِيه . وقولُه تعالى : { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } حالٌ أو استئنافٌ مؤكدٌ له على طريقةِ التخييلِ ، والمَعْنى أنَّ عقدَ الميثاقِ مَعِ الرسولِ كعقدِه مع الله تعالى من غيرِ تفاوتٍ بينَهما ، كقولِه تعالى : { مَنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } [ سورة النساء ، الآية 80 ] وقُرِئ إنَّما يُبايعونَ لله أي لأجلِه ولوجهِه . { فَمَن نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ } أي فمنَ نقضَ عهدَهُ فإنَّما يعودُ ضررُ نكثِه على نفسِه . وقُرِئ بكسرِ الكافِ . { وَمَنْ أوفى بِمَا عاهد عَلَيْهِ الله } بضمِّ الهاءِ فإنَّه أبقَى بعد حذفِ الواوِ توسلاً بذلكَ إلى تفخيمِ لامِ الجلالةِ . وقُرئ بكسرِها أيْ ومَنْ وفَّى بعهدِه . { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } هُو الجنةُ . وقُرِئ بما عَهد ، وقُرِئ فسنؤتيِه بنونِ العظمةِ .