قوله تعالى : { إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ } يا محمَّدُ بالحديبية على أن لا يفروا { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } لأنهم باعوا أنفسهم من الله تعالى بالجنة ، روى يزيدُ{[51672]} بن ( أبي ){[51673]} عبيد قال : قلت لسلمةَ بْنِ الأكوع : على أيِّ شيء بايعتم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ؟ قال : على الموت{[51674]} .
قوله : { إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله } خبر «إنَّ الَّذِينَ » و{ يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } جملة حالية ، أو خبر ثان وهو ترشيح للمجاز في مبايعة الله . وقرأ تمام بن العباس{[51675]} :
يبايعون للهِ{[51676]} ، والمفعول محذوف أي إنما يبايعونَكَ لأجل الله .
قوله : { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } لما بين أنه مرسل ذكر أن من بايعهُ فقد بايع الحقّ .
وقوله : { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحتمل وجوهاً ، وذلك أن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنًى واحدٍ ، وإما أن تكون بمعنيين فإن كانا بمعنى واحد ففيه وجهان :
أحدهما : قال الكلبي : نعمة الله عليه في الهداية فوق ما صنعوا من البيعة{[51677]} كما قال تعالى : { بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ } [ الحجرات : 17 ] .
وثانيهما : قال ابن عباس ومجاهد : يد الله بالوفاء بما عاهدهم من النصر والخير وأقوى وأعلى من نصرتهم إياه ، ويقال : اليدُ لفلانٍ أي الغلبة والقوة{[51678]} .
وإن كانا بمعنيين ففي حق الله بمعنى الحفظ ، وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة قال السدي : كانوا يأخذون بيد رسول صلى الله عليه وسلم ويبايعونه ويد الله فوق أيديهم في المبايعة ، وذلك أن المتبايعين إذا مد أحدهما يده إلى الآخر في البيع ، وبينهما ثالث فيضع يده على يديهما ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد ولا يترك أحدهما بترك يد الآخر لكي{[51679]} يلزم العقد ولا يتفاسخان فصار وضع اليد فوق الأيدي سببا لحفظ البيعة ، فقال تعالى : { يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } يحفظهم على البيعة كما يحفظ المتوسط أيدي المتبايعين{[51680]} .
قوله : «فَمَنْ نَكَثَ » أي نقض البيعةَ { فَإِنَّمَا يَنكُثُ على نَفْسِهِ } أي عليه و ما له { وَمَنْ أوفى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهِ الله } أي ثبت على البيعة { فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } قرأ أهل العراق{[51681]} فسيُؤتيه بالياء من تحت ، وقرأ الآخرون بالنون{[51682]} . والمراد بالأجر العظيم الجنة . وتقدم الكلام في معنى الأجر العظيم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.