تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

فأعرضوا عن المنعم ، وعن عبادته ، وبطروا النعمة ، وملوها ، حتى إنهم طلبوا وتمنوا ، أن تتباعد أسفارهم بين تلك القرى ، التي كان السير فيها متيسرا .

{ وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ } بكفرهم باللّه وبنعمته ، فعاقبهم اللّه تعالى بهذه النعمة ، التي أطغتهم ، فأبادها عليهم ، فأرسل عليها سيل العرم .

أي : السيل المتوعر ، الذي خرب سدهم ، وأتلف جناتهم ، وخرب بساتينهم ، فتبدلت تلك الجنات ذات الحدائق المعجبة ، والأشجار المثمرة ، وصار بدلها أشجار لا نفع فيها ، ولهذا قال : { وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ } أي : شيء قليل من الأكل الذي لا يقع منهم موقعا { خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ } وهذا كله شجر معروف ، وهذا من جنس عملهم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

{ فأعرضوا } أي : أعرضوا عن شكر الله أو عن طاعة الأنبياء .

{ فأرسلنا عليهم سيل العرم } كان لهم سد يمسك الماء ليرتفع فتسقى به الجنتان ، فأرسل الله على السد الجرذ وهي دويبة خربته فيبست الجنتان ، وقيل : لما خرب السد حمل السيل الجنتان وكثير من الناس واختلف في معنى العرم : فقيل : هو السد ، وقيل : هو اسم ذلك الوادي بعينه ، وقيل : معناه الشديد ، فكأنه صفة للسيل من العرامة ، وقيل : هو الجرذ الذي خرب السد ، وقيل : المطر الشديد .

{ أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل } الأكل بضم الهمزة المأكول ، والخمط شجر الأراك ، وقيل : كل شجرة ذات شوك ، والأثل شجر يشبه الطرفا والسدر شجر معروف ، وإعراب خمط بدل من أكل أو عطف بيان وقرئ بالإضافة { وأثل } عطف على الأكل لا على خمط ، لأن الأثل لا أكل له ، والمعنى أنه لما أهلكت الجنتان المذكورتان قيل : أبدلهم الله منها جنتين بضد وصفهما في الحسن والأرزاق .