تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ} (70)

{ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ } أي : كال لكل واحد من إخوته ، ومن جملتهم أخوه هذا . { جَعَلَ السِّقَايَةَ } وهو : الإناء الذي يشرب به ، ويكال فيه { فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ } أوعوا متاعهم ، فلما انطلقوا ذاهبين ، { أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } ولعل هذا المؤذن ، لم يعلم بحقيقة الحال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ} (70)

لما جهزهم وحَمَّل لهم أبعرتهم طعاما ، أمر بعض فتيانه أن يضع " السقاية " ، وهي : إناء من فضة في قول الأكثرين . وقيل : من ذهب - قاله ابن زيد - كان يشرب فيه ، ويكيل للناس به من عزَّة الطعام إذ ذاك ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد .

وقال شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { صُوَاعَ الْمَلِكِ } قال : كان من فضة يشربون فيه ، وكان مثل المكوك ، وكان للعباس مثلُه في الجاهلية ، فوضعها في متاع بنيامين من حيث لا يشعر أحد ، ثم نادى مناد بينهم : { أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ } فالتفتوا إلى المنادي وقالوا : { مَاذَا تَفْقِدُونَ قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ } أي : صاعه الذي يكيل به ، { وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ } وهذا من باب الجُعَالة ، { وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ } وهذا من باب الضمان والكفالة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمۡ جَعَلَ ٱلسِّقَايَةَ فِي رَحۡلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا ٱلۡعِيرُ إِنَّكُمۡ لَسَٰرِقُونَ} (70)

تقدم الكلام على نظير قوله : { فلما جهزهم بجهازهم } في الآيات قبل هذه . وإسناد جعل السقاية إلى ضمير يوسف مجاز عقليّ ، وإنما هو آمر بالجعل والذين جعلوا السقاية هم العبيد الموكّلون بالكيل .

والسقاية : إناء كبير يُسقى به الماء والخمر . والصُّوَاع : لغة في الصاع ، وهو وعاء للكيل يقَدّر بوزن رطل وربع أو وثلث . وكانوا يشربون الخمر بالمقدار ، يقدّر كل شارب لنفسه ما اعتاد أنه لا يصرعه ، ويجعلون آنية الخمر مقدّرة بمقادير مختلفة ، فيقول الشارب للساقي : رطلاً أو صاعاً أو نحو ذلك . فتسمية هذا الإناء سقاية وتسميته صُوَاعاً جارية على ذلك . وفي التوراة سمي طاسا ، ووصف بأنه من فضة .

وتعريف { السقاية } تعريف العهد الذهني ، أي سقاية معروفة لا يخلو عن مثلها مجلس العظيم .

وإضافة الصُّواع إلى الملك لتشريفه ، وتهويل سرقته على وجه الحقيقة ، لأن شؤون الدولة كلها للمَلك . ويجوز أن يكون أطلق الملك على يوسف عليه السلام تعظيماً له .

والتأذين : النداء المكرر . وتقدم عند قوله تعالى : { فأذن مؤذن بينهم } في سورة الأعراف ( 44 ) .

والعِير : اسم للحمولة من إبل وحَمير وما عليها من أحمال وما معها من ركابها ، فهو اسم لمجموع هذه الثلاثة . وأسندت السرقة إلى جميعهم جريا على المعتاد من مؤاخذة الجماعة بجرم الواحد منهم .

وتأنيث اسم الإشارة وهو { أيتها } لتأويل العير بمعنى الجماعة لأن الركاب هم الأهم .

وجملة { قالوا } جواب لنداء المنادي إياهم { إنكم لسارقون } ، ففصلت الجملة لأنها في طريقة المحاورة كما تكرر غير مرة .

وضمير { قالوا } عائد إلى العير .