{ قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ ْ } أي : تضجروا من نصائحه ومواعظه لهم ، فقالوا : { ما نفقه كثيرا مما تقول ْ } وذلك لبغضهم لما يقول ، ونفرتهم عنه .
{ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ْ } أي : في نفسك ، لست من الكبار والرؤساء بل من المستضعفين .
{ وَلَوْلَا رَهْطُكَ ْ } أي : جماعتك وقبيلتك { لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ ْ } أي : ليس لك قدر في صدورنا ، ولا احترام في أنفسنا ، وإنما احترمنا قبيلتك ، بتركنا إياك .
يقولون : { يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ } أي : ما نفهم ولا نعقل كثيرًا من قولك ، وفي آذاننا وقر ، ومن بيننا وبينك حجاب . { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا } .
قال{[14891]} سعيد بن جبير ، والثوري : كان ضرير البصر . قال الثوري : وكان يقال له : خطيب الأنبياء .
[ وقال السدي : { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا } قال : أنت واحد ]{[14892]} .
[ وقال أبو روق : { وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا } يعنون : ذليلا ؛ لأن عشيرتك ليسوا على دينك ، فأنت ذليل ضعيف ]{[14893]} .
{ وَلَوْلا رَهْطُكَ } أي : قومك وعشيرتك ؛ لولا معزة قومك علينا لرجمناك ، قيل{[14894]} بالحجارة ، وقيل : لسبَبْنَاك ، { وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } أي : ليس لك عندنا معزة .
القول في تأويل قوله تعالى : { قَالُواْ يَشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مّمّا تَقُولُ وَإِنّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ } .
يقول تعالى ذكره : قال قوم شعيب لشعيب : { يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيرا مِمّا تَقُول } ، أي : ما نعلم حقيقة كثير مما تقول وتخبرنا به . { وَإنّا لَنَرَاك فِينا ضَعِيفا } ، ذكر أنه كان ضريرا ، فلذلك قالوا له : { إنّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفا } . ذكر من قال ذلك :
حدثني عبد الأعلى بن واصل ، قال : حدثنا أسد بن زيد الجَصّاص ، قال : أخبرنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، في قوله : { وَإنّا لَنَرَاكَ فِينا ضَعِيفا } ، قال : كان أعمى .
حدثنا عباس بن أبي طالب ، قال : ثني إبراهيم بن مهدي المصيّصي ، قال : حدثنا خلف بن خليفة ، عن سفيان ، عن سعيد ، مثله .
حدثنا أحمد بن الوليد الرملي ، قال : حدثنا إبراهيم بن زياد وإسحاق بن المنذر ، وعبد الملك بن زيد ، قالوا : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد ، مثله .
قال : حدثنا عمرو بن عون ومحمد بن الصباح ، قالا : سمعنا شريكا يقول في قوله : { وَإنّا لَنَرَاكَ فِينا ضَعِيفا } ، قال : أعمى .
حدثنا سعدويه ، قال : حدثنا عباد ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد بن جبير ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، قوله : { وَإنّا لَنَرَاكَ فِينا ضَعِيفا } ، قال : كان ضعيف البصر . قال سفيان : وكان يقال له : خطيب الأنبياء .
قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا عباد ، عن شريك ، عن سالم ، عن سعيد : { وَإنّا لَنَرَاكَ فِينا ضَعِيفا } ، قال : كان ضرير البصر .
وقوله : { وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ } ، يقول : يقولون : ولولا أنت في عشيرتك وقومك لرجمناك ، يعنون : لسببناك . وقال بعضهم : معناه : لقتلناك . ذكر من قال ذلك :
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجمْناكَ } ، قال : قالوا : لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك . { وَما أنْتَ عَلَيْنا بعَزيزٍ } ، يعنون : ما أنت ممن يكرم علينا ، فيعظم علينا إذلاله وهَوَانُه ، بل ذلك علينا هَين .
وقوله تعالى : { قالوا : يا شعيب } الآية ، { نفقه } معناه : نفهم وهذا نحو قول قريش { قلوبنا في أكنة }{[6480]} ومعنى : «ما نفقه ما تقول » أي ما نفقه صحة قولك ، وأما فقههم لفظه ومعناه فمتحصل ، وروي عن ابن جبير وشريك القاضي في قولهم : { ضعيفاً } أنه كان ضرير البصر أعمى ، وحكى الزهراوي : أن حمير تقول للأعمى : ضعيف ، كما يقال له : ضرير ، وقيل : كان ناحل البدن زمنه .
قال القاضي أبو محمد : وهذا كله ضعيف ولا تقوم عليه حجة بضعف بصره أو بدنه ؛ والظاهر من قولهم : { ضعيفاً } أنه ضعيف الانتصار والقدرة ، وأن رهطه الكفرة كانوا يراعون فيه .
و «الرهط » جماعة الرجل{[6481]} ، ومنه الراهطاء لأن اليربوع يعتصم به كما يفعل الرجل برهطه{[6482]} . و { لرجمناك } قيل : معناه بالحجارة - وهو الظاهر وقاله ابن زيد - وقيل معناه : { لرجمناك } بالسب - وبه فسر الطبري . وهذا أيضاً تستعمله العرب . ومنه قوله تعالى : { لأرجمنك واهجرني ملياً }{[6483]} ، وقولهم { بعزيز } أي بذي منعة وعزة ومنزلة في نفوسنا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.