تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

{ وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا } أي : الدين والعبادة والذل في جميع الأوقات لله وحده ، على الخلق أن يخلصوه لله وينصبغوا بعبوديته . { أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ } من أهل الأرض أو أهل السماوات ، فإنهم لا يملكون لكم ضرا ولا نفعا ، والله المنفرد بالعطاء والإحسان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

51

إنما هو إله واحد . . وإنما هو كذلك مالك واحد : ( وله ما في السماوات والأرض ) . . ودائن واحد ( وله الدين واصبا ) [ أي واصلا منذ ما وجد الدين ، فلا دين إلا دينه ]

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

يُقرر تعالى أنه لا إله إلا هو ، وأنه لا ينبغي العبادة إلا له وحده لا شريك له ، فإنه مالك كل شيء وخالقه وربه .

{ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا } قال ابن عباس ، ومجاهد وعِكْرِمة{[16484]} وميمون بن مِهْران ، والسدي ، وقتادة ، وغير واحد : أي دائما .

وعن ابن عباس أيضًا : واجبًا . وقال مجاهد : خالصا . أي : له العبادة وحده ممن في السماوات والأرض ، كقوله : { أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا } [ آل عمران : 83 ] . هذا على قول ابن عباس وعكرمة ، فيكون من باب الخبر ، وأما على قول مجاهد فإنه يكون من باب الطلب ، أي : ارهبوا أن تشركوا به{[16485]} شيئا ، وأخلصوا له الطلب{[16486]} ، كما في قوله تعالى : { أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ } [ الزمر : 3 ] .


[16484]:في ت، ف: "وعكرمة ومجاهد".
[16485]:في أ: "بي".
[16486]:في أ: "الطاعة".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

{ وله ما في السماوات والأرض } خلقا وملكا . { وله الدين } أي الطاعة . { واصِباً } لازما لما تقرر من أنه الإله وحده والحقيق بأن يرهب منه . وقيل { واصبا } من الوصب أي وله الدين ذا كلفة . وقيل الدين الجزاء أي وله الجزاء دائما لا ينقطع ثوابه لمن آمن وعقابه لمن كفر . { أغير الله تتقون } ولا ضار سواه كما لا نافع غيره كما قال تعالى .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

وقوله { وله ما في السموات } الآية ، الواو في قوله { وله } عاطفة على قوله : { إله واحد } ، وجائز أن يكون واو ابتداء{[7334]} ، و { ما } عامة جميع الأشياء مما يعقل ومما لا يعقل ، و { السماوات } هنا كل ما ارتفع من الخلق في جهة فوق ، فيدخل فيه العرش والكرسي ، و { الدين } الطاعة والملك كما قال زهير في دين عمرو : وحالت بيننا فدك{[7335]} . أي في طاعته وملكه و «الواصب » القائم ، قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد والضحاك وقال الشاعر [ أبي الأسود ] : [ الكامل ]

لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه . . . يوماً بذم الدهر أجمع واصبا{[7336]}

ومنه قول حسان : [ المديد ]

غيرته الريح تسفي به وهزيم رعده واصب{[7337]} . . . وقالت فرقة : هو من الوصب وهو التعب ، أي وله الدين على تعبه ومشقته .

قال القاضي أبو محمد : ف «واصب » على هذا جار على النسب أي ذا وصب ، كما قال : أضحى فؤادي به فاتناً{[7338]} ، وهذا كثير ، وقال ابن عباس أيضاً : «الواصب » الواجب ، وهذا نحو قوله : الواصب الدائم ، وقوله { أفغير } ، توبيخ ولفظ استفهام ونصب «غير » ب { تتقون } ؛ لأنه فعل لم يعمل في سوى «غير » المذكورة .


[7334]:قال أبو حيان في البحر تعقيبا على ذلك: "لا يقال واو ابتداء إلا لواو الحال، ولا يظهر هنا الحال، فهي عاطفة على الخبر، أو على الجملة بأسرها، أو تكون الجملة في تقدير المفرد".
[7335]:هذا عجز بيت، و هو بتمامه مع بيت آخر بعده: لئن حللت بجو في بني أســــــــد في دين عمرو و حالت بيننا فدك ليأتينك مني منطق قـــــــــــــذع باق كـما دنس القبطية الـــــودك وفدك بالتحريكك قرية بالحجاز بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة، أفاءها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم صلحا، والشاهد أن "الدين" هنا بمعنى الطاعة، أي: في طاعة عمرو وملكه.
[7336]:البيت لأبي الأسود الدؤلي، وقد استشهد به القرطبي، والشطر الثاني فيه: (بذم يكون الدهر أجمع واصبا)، ثم قال: وأنشد الغزنوي والثعلبي وغيرهما: ما أبتغي الحمد القليل بقـــــــــــــــــاؤه يوما بذم الدهر أجمع واصبـــــــــــا وهي كرواية ابن عطية ما عدا (ما)، واستشهد به أبو عبيدة في مجاز القرآن، واستشهد به الطبري أيضا، والرواية فيهما كرواية ابن عطية. والشاهد فيه أن (واصب) تأتي بمعنى (دائم).
[7337]:هو البيت الثاني من قصيدة، وقبله المطلع، و هو : قد تعفى بعدنا عـــــــــــــاذب ما به باد ولا قــــــــــــــــارب وتسفي به: تحمل إليه التراب، والهزيم: السحاب المتشقق بالمطر، يقول: لقد غير هذا المكان ما حملته الريح إليه من التراب، و ما ساق السحاب من مطر دائم الرعد.
[7338]:هذا جزء من عجز بيت ذكره في (اللسان ـ فتن) شاهدا على أن (فاتنا) تأتي بمعنى (مفتتن)، والبيت بتمامه كما في اللسان: رخيم الكلام قطـــيع القيــا م أمسى فؤادي به فاتنـــــــــــــا وابن عطية يستشهد به على أن المعنى: ذا فتنة، أو ذا فتون، ونلحظ أن رواية اللسان: "أمسى" ورواية المؤلف: "أضحى".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَهُ ٱلدِّينُ وَاصِبًاۚ أَفَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَتَّقُونَ} (52)

مناسبة موقع جملة { وله ما في السموات والأرض } بعد جملة { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين } [ سورة النحل : 51 ] أن الذين جعلوا إلهين جعلوهما النور والظلمة . وإذ كان النور والظلمة مظهرين من مظاهر السماء والأرض كان المعنى : أن ما تزعمونه إلهاً للخير وإلهاً للشرّ هما من مخلوقاته .

وتقديم المجرور يفيد الحصر فدخل جميع ما في السماء والأرض في مفاد لام الملك ، فأفاد أن ليس لغيره شيء من المخلوقات خيرها وشرّها . فانتفى أن يكون معه إله آخر لأنه لو كان معه إله آخر لكان له بعض المخلوقات إذ لا يعقل إله بدون مخلوقات .

وضمير { له } عائد إلى اسم الجلالة من قوله : { وقال الله لا تتخذوا إلهين } .

فعطفه على جملة { إنما هو إله واحد } [ سورة النحل : 51 ] لأن عظمة الإلهية اقتضت الرّهبة منه وقصرها عليه ، فناسب أن يشار إلى أن صفة المالكية تقتضي إفراده بالعبادة .

وأما قوله : { وله الدين واصباً } فالدين يحتمل أن يكون المراد به الطاعة ، من قولهم : دانت القبيلة للملك ، أي أطاعته ، فهو من متمّمات جملة { وله ما في السموات والأرض } ، لأنه لما قَصَر الموجودات على الكون في ملكه كان حقيقاً بقصر الطاعة عليه ، ولذلك قدّم المجرور في هذه الجملة على فعله كما وقع في التي قبلها .

ويجوز أن يكون { الدين } بمعنى الديانة ، فيكون تذييلاً لجملة { وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين } ، لأن إبطال دين الشرك يناسبه أن لا يدين الناس إلا بما يشرّعه الله لهم ، أي هو الذي يشرّع لكم الدين لا غيره من أيمّة الضلال مثل عَمرو بن لُحييَ ، وزَرَادَشْت ، وَمَزْدك ، ومَاني ، قال تعالى : { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } [ سورة الشورى : 21 ] .

ويجوز أن يكون الدين بمعنى الجزاء كما في قوله تعالى : { ملك يوم الدين } [ سورة الفاتحة : 4 ] ، فيكون إدماجاً لإثبات البعث الذي ينكره أولئك أيضاً . والمعنى : له ما في السماوات والأرض وإليه يرجع من في السماوات والأرض لا يرجعون إلى غيره ولا ينفعهم يومئذٍ أحد .

والواصب : الثابت الدائم ، وهو صالح للاحتمالات الثلاثة ، ويزيد على الاحتمال الثالث لأنه تأكيد لردّ إنكارهم البعث .

وتفرّع على هاتين الجملتين التّوبيخ على تقواهم غيره ، وذلك أنهم كانوا يتقون إله الشرّ ويتقرّبون إليه ليأمنوا شرّه .