تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ} (13)

{ 13 } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }

يخبر تعالى أنه خلق بني آدم ، من أصل واحد ، وجنس واحد ، وكلهم من ذكر وأنثى ، ويرجعون جميعهم إلى آدم وحواء ، ولكن الله [ تعالى ] بث منهما رجالاً كثيرا ونساء ، وفرقهم ، وجعلهم شعوبًا وقبائل أي : قبائل صغارًا وكبارًا ، وذلك لأجل أن يتعارفوا ، فإنهم لو استقل كل واحد منهم بنفسه ، لم يحصل بذلك ، التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون ، والتوارث ، والقيام بحقوق الأقارب ، ولكن الله جعلهم شعوبًا وقبائل ، لأجل أن تحصل هذه الأمور وغيرها ، مما يتوقف على التعارف ، ولحوق الأنساب ، ولكن الكرم بالتقوى ، فأكرمهم عند الله ، أتقاهم ، وهو أكثرهم طاعة وانكفافًا عن المعاصي ، لا أكثرهم قرابة وقومًا ، ولا أشرفهم نسبًا ، ولكن الله تعالى عليم خبير ، يعلم من يقوم منهم بتقوى الله ، ظاهرًا وباطنًا ، ممن يقوم بذلك ، ظاهرًا لا باطنًا ، فيجازي كلا ، بما يستحق .

وفي هذه الآية دليل على أن معرفة الأنساب ، مطلوبة مشروعة ، لأن الله جعلهم شعوبًا وقبائل ، لأجل ذلك .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ} (13)

وبعد هذه النداءات المتكررة للذين آمنوا ؛ وأخذهم إلى ذلك الأفق السامي الوضيء من الآداب النفسية والاجتماعية ؛ وإقامة تلك السياجات القوية من الضمانات حول كرامتهم وحريتهم وحرماتهم ، وضمان هذا كله بتلك الحساسية التي يثيرها في أرواحهم ، بالتطلع إلى الله وتقواه . .

بعد هذه المدارج إلى ذلك الأفق السامق ، يهتف بالإنسانية جميعها على اختلاف أجناسها وألوانها ، ليردها إلى أصل واحد ، وإلى ميزان واحد ، هو الذي تقوم به تلك الجماعة المختارة الصاعدة إلى ذلك الأفق السامق :

( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا . إن أكرمكم عند الله أتقاكم . إن الله عليم خبير ) . .

يا أيها الناس . يا أيها المختلفون أجناسا وألوانا ، المتفرقون شعوبا وقبائل . إنكم من أصل واحد . فلا تختلفوا ولا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تذهبوا بددا .

يا أيها الناس . والذي يناديكم هذا النداء هو الذي خلقكم . . من ذكر وأنثى . . وهو يطلعكم على الغاية من جعلكم شعوبا وقبائل . إنها ليست التناحر والخصام . إنما هي التعارف والوئام . فأما اختلاف الألسنة والألوان ، واختلاف الطباع والأخلاق ، واختلاف المواهب والاستعدادات ، فتنوع لا يقتضي النزاع والشقاق ، بل يقتضي التعاون للنهوض بجميع التكاليف والوفاء بجميع الحاجات . وليس للون والجنس واللغة والوطن وسائر هذه المعاني من حساب في ميزان الله . إنما هنالك ميزان واحد تتحدد به القيم ، ويعرف به فضل الناس : ( إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) . . والكريم حقا هو الكريم عند الله . وهو يزنكم عن علم وعن خبرة بالقيم والموازين : ( إن الله عليم خبير ) . .

وهكذا تسقط جميع الفوارق ، وتسقط جميع القيم ، ويرتفع ميزان واحد بقيمة واحدة ، وإلى هذا الميزان يتحاكم البشر ، وإلى هذه القيمة يرجع اختلاف البشر في الميزان .

وهكذا تتوارى جميع أسباب النزاع والخصومات في الأرض ؛ وترخص جميع القيم التي يتكالب عليها الناس . ويظهر سبب ضخم واضح للألفة والتعاون : ألوهية الله للجميع ، وخلقهم من أصل واحد . كما يرتفع لواء واحد يتسابق الجميع ليقفوا تحته : لواء التقوى في ظل الله . وهذا هو اللواء الذي رفعه الإسلام لينقذ البشرية من عقابيل العصبية للجنس ، والعصبية للأرض ، والعصبية للقبيلة ، والعصبية للبيت . وكلها من الجاهلية وإليها ، تتزيا بشتى الأزياء ، وتسمى بشتى الأسماء . وكلها جاهلية عارية من الإسلام !

وقد حارب الإسلام هذه العصبية الجاهلية في كل صورها وأشكالها ، ليقيم نظامه الإنساني العالمي في ظل راية واحدة : راية الله . . لا راية الوطنية . ولا راية القومية . ولا راية البيت . ولا راية الجنس . فكلها رايات زائفة لا يعرفها الإسلام .

قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " كلكم بنو آدم ، وآدم خلق من تراب . ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله تعالى من الجعلان " .

وقال[ صلى الله عليه وسلم ] عن العصبية الجاهلية : " دعوها فإنها منتنة " .

وهذه هي القاعدة التي يقوم عليها المجتمع الإسلامي . المجتمع الإنساني العالمي ، الذي تحاول البشرية

في خيالها المحلق أن تحقق لونا من ألوانه فتخفق ، لأنها لا تسلك إليه الطريق الواحد الواصل المستقيم . . الطريق إلى الله . . ولأنها لا تقف تحت الراية الواحدة المجمعة . . راية الله . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ} (13)

يقول تعالى مخبرًا للناس أنه خلقهم من نفس واحدة ، وجعل منها زوجها ، وهما آدم وحواء ، وجعلهم شعوبا ، وهي أعم من القبائل ، وبعد القبائل مراتب أخر كالفصائل والعشائر والعمائر والأفخاذ وغير ذلك .

وقيل : المراد بالشعوب بطون العَجَم ، وبالقبائل بطون العرب ، كما أن الأسباط بطون بني إسرائيل . وقد لخصت هذا في مقدمة مفردة جمعتها من كتاب : " الإنباه " لأبي عمر{[27198]} بن عبد البر ، ومن كتاب " القصد والأمم ، في معرفة أنساب العرب والعجم " . فجميع الناس في الشرف بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء ، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينية ، وهي طاعة الله ومتابعة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ولهذا قال تعالى بعد النهي عن الغيبة واحتقار بعض الناس بعضًا ، منبها على تساويهم في البشرية : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } أي : ليحصل التعارف بينهم ، كلٌ يرجع إلى قبيلته .

وقال مجاهد في قوله : { لِتَعَارَفُوا } ، كما يقال : فلان بن فلان من كذا وكذا ، أي : من قبيلة كذا وكذا .

وقال سفيان الثوري : كانت حِمْير ينتسبون إلى مَخَالِيفها ، وكانت عرب الحجاز ينتسبون إلى قبائلها .

وقد قال{[27199]} أبو عيسى الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن عبد الملك بن عيسى الثقفي ، عن يزيد - مولى المنبعث - عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال ، منسأة في الأثر " . ثم قال : غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه {[27200]} .

وقوله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } أي : إنما تتفاضلون عند الله بالتقوى لا بالأحساب . وقد وردت الأحاديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

قال {[27201]} البخاري رحمه الله : حدثنا محمد بن سلام ، حدثنا عبدة ، عن عبيد الله ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم " قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : " فأكرم الناس يوسف نبي الله ، ابن نبي الله ، ابن خليل الله " . قالوا : ليس عن هذا نسألك . قال : " فعن معادن العرب تسألوني ؟ " قالوا : نعم . قال : " فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فَقِهُوا " {[27202]} .

وقد رواه البخاري في غير موضع من طرق عن عبدة بن سليمان {[27203]} . ورواه النسائي في التفسير من حديث عبيد الله - وهو ابن عمر العمري - به{[27204]} .

حديث آخر : قال مسلم{[27205]} ، رحمه الله : حدثنا عمرو الناقد ، حدثنا كَثِير بن هشام ، حدثنا جعفر بن برقان ، عن يزيد بن الأصم ، عن أبي هريرة{[27206]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " .

ورواه ابن ماجه عن أحمد بن سنان ، عن كَثِير بن هشام ، به {[27207]} .

حديث آخر : وقال{[27208]} الإمام أحمد : حدثنا وكيع ، عن أبي هلال ، عن بكر ، عن أبي ذر قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : " انظر ، فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى {[27209]} . تفرد به أحمد {[27210]} .

حديث آخر : وقال {[27211]} الحافظ أبو القاسم الطبراني : حدثنا أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري ، حدثنا عبد الرحمن بن عمرو بن جَبَلة ، حدثنا عبيد بن حنين الطائي ، سمعت محمد بن حبيب بن خِرَاش العَصَرِيّ ، يحدث عن أبيه : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول{[27212]} : المسلمون إخوة ، لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى " {[27213]}

حديث آخر : قال {[27214]} أبو بكر البزار في مسنده : حدثنا أحمد بن يحيى الكوفي ، حدثنا الحسن بن الحسين ، حدثنا قيس - يعني ابن الربيع - عن شبيب بن غَرْقَدَة {[27215]} ، عن المستظل بن حصين ، عن حذيفة {[27216]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلكم بنو آدم . وآدم خلق من تراب ، ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم ، أو ليكونن أهون على الله من الجِعْلان " .

ثم قال : لا نعرفه عن حذيفة إلا من هذا الوجه {[27217]} .

حديث آخر : قال {[27218]} ابن أبي حاتم : حدثنا الربيع بن سليمان ، حدثنا أسد بن موسى ، حدثنا يحيى بن زكريا القطان ، حدثنا موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقته القَصْواء يستلم الأركان{[27219]} بمحجن في يده ، فما وجد لها مناخًا في المسجد حتى نزل صلى الله عليه وسلم على أيدي الرجال ، فخرج بها إلى بطن المسيل فأنيخت . ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم على راحلته ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل{[27220]} ثم قال : " يا أيها الناس ، إن الله قد أذهب عنكم عُبِّية الجاهلية وتعظمها بآبائها ، فالناس رجلان : رجل بر تقي كريم على الله ، وفاجر شقي هين على الله . إن الله يقول : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } ثم قال : " أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم " .

هكذا {[27221]} رواه عبد بن حميد ، عن أبي عاصم الضحاك بن مَخْلَد ، عن موسى بن عبيدة ، به {[27222]} .

حديث آخر : قال {[27223]} الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن إسحاق ، حدثنا ابن لَهِيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن علي بن رباح ، عن عقبة بن عامر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أنسابكم هذه ليست بمسبة على أحد ، كلكم بنو آدم طَفَّ الصاع لم يملؤه ، ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى ، وكفى بالرجل أن يكون بَذِيّا بخيلا فاحشًا " .

وقد رواه ابن جرير ، عن يونس ، عن ابن وهب ، عن ابن لَهِيعة ، به {[27224]} ولفظه : " الناس لآدم وحواء ، طف الصاع لم يَمْلَئُوه ، إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن أنسابكم يوم القيامة ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم " .

وليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه .

حديث آخر : قال{[27225]} الإمام أحمد : حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا شريك ، عن سِمَاك ، عن عبد الله بن عَمِيرة زوج درة ابنة أبي لهب ، عن درة بنت أبي لهب قالت : قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ، فقال : يا رسول الله ، أي الناس خير ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : " خير الناس أقرؤهم ، وأتقاهم لله عز وجل ، وآمرهم بالمعروف ، وأنهاهم عن المنكر ، وأوصلهم للرحم " {[27226]} .

حديث آخر : قال{[27227]} الإمام أحمد : حدثنا حسن ، حدثنا ابن لهيعة ، حدثنا أبو الأسود ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة قالت : ما أعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء من الدنيا ، ولا أعجبه أحد قط ، إلا ذو تقى . تفرد به أحمد رحمه الله{[27228]} .

وقوله : { إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } أي : عليم بكم ، خبير بأموركم ، فيهدي من يشاء ، ويضل من يشاء ، ويرحم من يشاء ، ويعذب من يشاء ، ويفضل من يشاء على من يشاء ، وهو الحكيم العليم الخبير في ذلك كله . وقد استدل بهذه الآية الكريمة وهذه الأحاديث الشريفة ، من ذهب من العلماء إلى أن الكفاءة في النكاح لا تشترط ، ولا يشترط سوى الدين ، لقوله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } وذهب الآخرون إلى أدلة أخرى مذكورة في كتب الفقه ، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في " كتاب الأحكام " ولله الحمد والمنة . وقد روى الطبراني عن عبد الرحمن أنه سمع رجلا من بني هاشم يقول : أنا أولى الناس برسول الله . فقال : غيرك أولى به منك ، ولك منه نسبه .


[27198]:- (7) في م: "عمرو".
[27199]:- (8) في ت: "وروى".
[27200]:- (1) سنن الترمذي برقم (1979).
[27201]:- (2) في ت: "فروى".
[27202]:- (3) صحيح البخاري برقم (4689).
[27203]:- (4) صحيح البخاري برقم (3374، 3383).
[27204]:- (5) النسائي في السنن الكبرى برقم (11250).
[27205]:- (6) في ت: "وروى".
[27206]:- (7) في ت: "أبي هريرة رضي الله عنه".
[27207]:- (8) صحيح مسلم برقم (2564) وسنن ابن ماجه برقم (4143).
[27208]:- (9) في ت: "وروى".
[27209]:- (10) في ت: "بتقوى الله".
[27210]:- (11) المسند (5/158).
[27211]:- (12) في ت: "وروى".
[27212]:- (13) في ت: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال".
[27213]:- (1) المعجم الكبير (4/25) وقال الهيثمي في المجمع (8/84): "فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وهو متروك".
[27214]:- (2) في ت: "وروى".
[27215]:- (3) في أ: "عروة".
[27216]:- (4) في ت: "عن حذيفة رضي الله عنه".
[27217]:- (5) مسند البزار برقم (3584) وقال الهيثمي في المجمع (8/86): "فيه الحسن بن الحسين العرني وهو ضعيف".
[27218]:- (6) في ت: "وروى".
[27219]:- (7) في ت: "الركن".
[27220]:- (8) في ت، أ: "بما هو عليه".
[27221]:- (9) في ت: "وهكذا".
[27222]:- (10) المنتخب لعبد بن حميد برقم (793) وفيه موسى بن عبيدة الزبدي وهو ضعيف.
[27223]:- (11) في ت: "وروى".
[27224]:- (12) المسند (4/158) وتفسير الطبري (26/89) قال الهيثمي في المجمع (8/84): "فيه ابن لهيعة وفيه لين، وبقية رجاله وثقوا". قلت: الراوي عنه في رواية الطبري عبد اله بن وهب، فهذه متابعة قوية ليحيى بن إسحاق.
[27225]:- (1) في ت: "وروى".
[27226]:- (2) المسند (6/432) ورواه الطبراني في المعجم الكبير (24/257) من طريق شريك به، وقال الهيثمي في المجمع (7/263): "رجالهما ثقات، وفي كلام بعضهم كلام لا يضر".
[27227]:- (3) في ت: "وروى".
[27228]:- (4) المسند (6/69).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ} (13)

روي : أن رجلين من الصحابة بعثا سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبغي لهما إداما : وكان أسامة على طعامه فقال : ما عندي شيء فأخبرهما سلمان فقالا : لو بعثناه إلى بئر سميحة لغار ماؤها ، فلما راحا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهما : " ما لي أرى حضرة اللحم في أفواهكما " فقالا : ما تناولنا لحما ، فقال : " إنكما قد اغتبتما " فنزلت .

{ يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى } من آدم وحواء عليهما السلام ، أو خلقنا كل واحد منكم من أب وأم فالكل سواء في ذلك فلا وجه للتفاخر بالنسب . ويجوز أن يكون تقريرا للأخوة المانعة عن الاغتياب . { وجعلناكم شعوبا وقبائل } الشعب الجمع العظيم المنتسبون إلى أصل واحد وهو يجمع القبائل . والقبيلة تجمع العمائر . والعمارة تجمع البطون . والبطن تجمع الأفخاذ . والفخذ يجمع الفضائل ، فخزيمة شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ ، وعباس فصيلة . وقبل الشعوب بطون العجم والقبائل بطون العرب . { لتعارفوا } ليعرف بعضكم بعضا لا للتفاخر بالآباء والقبائل . وقرئ { لتعارفوا } بالإدغام و " لتتعارفوا " و " لتعرفوا " . { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } فإن التقوى بها تكمل النفوس وتتفاضل بها الأشخاص ، فمن أراد شرفا فليلتمسه منها كما قال عليه الصلاة والسلام " من سره أن يكون أكرم الناس فليتق الله " وقال عليه الصلاة والسلام " يا أيها الناس إنما الناس رجلان مؤمن تقي كريم على الله ، وفاجر شقي هين على الله " . { إن الله عليم } بكم { خبير } ببواطنكم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ} (13)

قوله تعالى : { من ذكر وأنثى } يحتمل أن يريد آدم وحواء . فكأنه قال : إنا خلقنا جميعكم من آدم وحواء . ويحتمل أن يريد الذكر والأنثى اسم الجنس . فكأنه قال : إنا خلقنا كل واحد منكم من ماء ذكر وما أنثى . وقصد هذه الآية التسوية بين الناس . ثم قال تعالى : { وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } أي لئلا تفاخروا ويريد بعضكم أن يكون أكرم من بعض . فإن الطريق إلى الكرم غير هذا : { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } وروى بو بكرة : قيل يا رسول الله : من خير الناس ؟ قال : «من طال عمره وحسن عمله »{[10492]} . وفي حديث آخر من خير الناس ؟ قال : «آمرهم بالمعروف . وأنهاهم عن المنكر . وأوصلهم للرحم وأتقاهم »{[10493]} . وحكى الزهراوي أن سبب هذه الآية غضب الحارث بن هشام وعتاب بن أسيد حين أذن بلال يوم فتح مكة على الكعبة{[10494]} ، وحكى الثعلبي عن ابن عباس أن سببها قول ثابت بن قيس لرجل لم يفسح عند النبي صلى الله عليه وسلم : يا ابن فلانة ، فوبخه النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال له : «إنك لا تفضل أحداً إلا في الدين والتقوى »{[10495]} فنزلت هذه الآية ونزل الأمر بالتفسح في ذلك أيضاً .

والشعوب : جمع شعب وهو أعظم ما يوجد من جماعات الناس مرتبطاً بنسب واحد ، ويتلوه القبيلة ، ثم العمارة ، ثم البطن ، ثم الفخذ ، ثم الأسرة والفصيلة : وهما قرابة الرجل الأدنون فمضر وربيعة وحمير شعوب ، وقيس وتميم ومذحج ومراد ، قبائل مشبهة بقبائل الرأس ، «لأنها قطع تقابلت » وقريش ومحارب وسليم عمارات ، وبنو قصي وبنو مخزوم بطون ، وبنو هاشم وبنو أمية أفخاذ ، وبنو عبد المطلب أسرة وفصيلة ، وقال ابن جبير : الشعوب : الأفخاذ . وروي عن ابن عباس الشعوب : البطون ، وهذا غير ما تمالأ{[10496]} عليه اللغويون . قال الثعلبي ، وقيل : الشعوب في العجم والقبائل في العرب ، والأسباط في بني إسرائيل . وأما الشعب الذي هو في همدان الذي ينسب إليه الشعبي فهو بطن يقال له الشعب .

قال القاضي أبو محمد : وقيل للأمم التي ليست بعرب : شعوبية ، نسبة إلى الشعوب ، وذلك أن تفصيل أنسابها خفي فلم يعرف أحد منهم إلا بأن يقال : فارسي تركي رومي زناتي . فعرفوا بشعوبهم وهي أعم ما يعبر به عن جماعتهم ، ويقال لهم الشعوبية بفتح الشين ، وهذا من تغيير النسب ، وقد قيل فيهم غير ما ذكرت ، وهذا أولى عندي .

وقرأ الأعمش : «لتتعارفوا » وقرأ عبد الله بن عباس : «لتعرفوا أن » ، على وزن تفعِلوا بكسر العين وفتح الألف من «أن » ، وبإعمال «لتعرفوا » فيها ، ويحتمل على هذه القراءة أن تكون اللام في قوله : «لتعرفوا » لام كي ، ويضطرب معنى الآية مع ذلك ، ويحتمل أن تكون لام الأمر ، وهو أجود في المعنى ، ويحتمل أن يكون المفعول محذوفاً تقديره : الحق ، وإذا كانت لام كي فكأنه قال : يا أيها الناس أنتم سواء من حيث أنتم مخلوقون لأن تتعارفوا ولأن تعرفوا الحقائق ، وأما الشرف والكرم فهو بتقوى الله تعالى وسلامة القلوب .

وقرأ ابن مسعود : «لتعارفوا بينكم وخيركم عند الله أتقاكم » . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من سره أن يكون أكرم الناس ، فليتق الله ربه »{[10497]} . ثم نبه تعالى على الحذر بقوله : { إن الله عليم خبير } أي بالمتقي الذي يستحق رتبة الكرم .


[10492]:اخرجه الترمذي في الزهد، والدارمي في الرقاق، واحمد في مسنده(4-188، 5-40، 43، 44، 47، 48، 49، 50)، ولفظه كما جاء في المسند، عن عبد الله بن بُسر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيان، فقال أحدهما: من خير الرجال يا محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من طال عمره، وحسن عمله)، وقال الآخر: إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا، فباب نتمسك به جامع؟ قال:(لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله).
[10493]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده(6-432)، عن درة بنت أبي لهب قالت: قام رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال: يا رسول الله، أي الناس خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم:(خير الناس أقرؤهم وأتقاهم، وآمرهم بالمعروف، وأنهاهم عن المنكر، وأوصلهم للرحم). وأورده السيوطي في "الدر المنثور" وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة.
[10494]:أخرجه ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في "الدلائل" عن ابن أبي مليكة، قال ذلك في "الدر المنثور"، وذكره الواحدي في "أسباب النزول" بدون سند عن مقاتل، قال: لما كان يوم فتح مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا حتى أذن على ظهر الكعبة، فقال عتاب بن أسيد بن أبي العيص: الحمد لله الذي قبض أبي حتى لم ير هذا اليوم، وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا؟ وقال سهيل بن عمرو:إن يرد الله شيئا يغيره، وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئا أخاف أن يخبر به رب السماء، فأتى جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وزجرهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال، والازدراء بالفقراء.
[10495]:ذكره الواحدي في"أسباب النزول" بغير سند، ولم يعزه لأحد، وذكره الخازن والبغوي عن ابن عباس رضي الله عنهما بدون سند أيضا، وقال الحافظ بن حجر في "تخريج الكشاف":إن الثعلبي ذكره عن ابن عباس بغير سند، وأورده القرطبي مسبوقا بكلمة"وقيل" وبدون سند أيضا، قالوا جميعا: إن الآية نزلت في ثابت بن قيس بن شماس حين أراد أن يجلس قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب إلى رجل أن يُفسح له في المجلس فلم يُفسح له، فقال ثابت للرجل: من أنت؟ قال: أنا فلان، فقال ثابت: أنت ابن فلانة! فذكر أما له كان يُعير بها في الجاهلية، فأغضى الرجل ونكس رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من الذاكر فلانة؟ فقال ثابت: أنا يا رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظر في وجوه القوم، فنظر، فقال: ما رأيت؟ قال: رأيت أبيض وأسود وأحمر، فقال: فإنك لا تفضلهم إلا بالتقوى، فنزلت في ثابت هذه الآية، ونزلت في الرجل الذي لم يفسح له: {يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا} الآية.
[10496]:بمعنى: اجتمعوا واتفقوا.
[10497]:ذكره القرطبي بقوله:"وقد جاء منصوصا عنه عليه الصلاة والسلام:(من أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله)، وفي البخاري عن أبي هريرة قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الناس أكرم؟ قال:(أكرمهم عند الله أتقاهم)، والأحاديث في ذلك كثيرة وصحيحة.