النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ إِنَّ أَكۡرَمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتۡقَىٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٞ} (13)

قوله عز وجل : { يَأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ من ذَكَرٍ وَأُنثَى } قصد بهذه الآية . النهي عن التفاخر بالأنساب ، وبين التساوي فيها بأن خلقهم من ذكر وأنثى يعني آدم وحواء .

ثم قال : { وَجَعَلنَاكُم شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَرَفُوا } فبين أن الشعوب والقبائل للتعارف لا للافتخار ، وفيها ثلاثة أوجه :

أحدها : أن الشعوب النسب الأبعد والقبائل النسب الأقرب ، قاله مجاهد ، وقتادة . وقال الشاعر :

قبائل من شعوب ليس فيهم *** كريم قد يعد ولا نجيب

وسموا شعوباً لأن القبائل تشعبت منها .

الثاني : أن الشعوب عرب اليمن من قحطان ، والقبيلة ربيعة ومضر وسائر عدنان .

الثالث : أن الشعوب بطون العجم ، والقبائل بطون العرب .

ويحتمل رابعاً : أن الشعوب هم المضافون إلى النواحي والشعاب ، والقبائل هم المشتركون في الأنساب ، قال الشاعر :

وتفرقوا شعباً فكل جزيرة *** فيها أمير المؤمنين ومنبر

والشعوب جمع شَعب بفتح الشين ، والشِّعب بكسر الشين هو الطريق وجمعه شعاب ، فكان اختلاف الجمعين مع اتفاق اللفظين تنبيهاً على اختلاف المعنيين .

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُم } إن أفضلكم ، والكرم بالعمل والتقوى لا بالنسب .