{ فَإِنْ تَوَلَّوْا } عن الانقياد لعبودية ربهم ، فحذرهم حلول المثلات ، ونزول العقوبة .
{ فَقُلْ آذَنْتُكُمْ } أي : أعلمتكم بالعقوبة { عَلَى سَوَاءٍ } أي علمي وعلمكم بذلك مستو ، فلا تقولوا - إذا أنزل بكم العذاب : { مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ } بل الآن ، استوى علمي وعلمكم ، لما أنذرتكم ، وحذرتكم ، وأعلمتكم بمآل الكفر ، ولم أكتم عنكم شيئا .
{ وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَا تُوعَدُونَ } أي : من العذاب
( فإن تولوا فقل : آذنتكم على سواء ) . .
أي كشفت لكم ما عندي فأنا وأنتم على علم سواء . والإيذان يكون في الحرب لإنهاء فترة السلم ، وإعلام الفريق الآخر أنها حرب لا سلام . . أما هنا - والسورة مكية ولم يكن القتال قد فرض بعد - فالمقصود هو أن يعلنهم بأنه قد نفض يده منهم ، وتركهم عالمين بمصيرهم ، وأنذرهم عاقبة أمرهم . فلم يعد لهم بعد ذلك عذر ، فليذوقوا وبال أمرهم وهم عالمون . .
( وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون ) . .
آذنتكم على سواء . ولست أدري متى يحل بكم ما توعدون . فهو غيب من غيب الله . لا يعلمه إلا الله .
{ فَإِنْ تَوَلَّوْا } أي : تركوا ما دعوتهم إليه ، { فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ } أي : أعلمتكم أني حَرْب لكم ، كما أنكم حَرْبٌ لي ، بريء منكم كما أنكم بُرآء مني ، كقوله : { وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ } [ يونس : 41 ] . وقال { وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ } [ الانفال : 58 ] : ليكن{[19953]} علمك وعلمهم بنبذ العهود على السواء ، وهكذا هاهنا ، { فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ } أي : أعلمتكم ببراءتي منكم ، وبراءتكم مني ؛ لعلمي بذلك .
القول في تأويل قوله تعالى : { فَإِن تَوَلّوْاْ فَقُلْ آذَنتُكُمْ عَلَىَ سَوَآءٍ وَإِنْ أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مّا تُوعَدُونَ } .
يقول تعالى ذكره : فإن أدبر هؤلاء المشركون يا محمد عن الإقرار بالإيمان ، بأن لا إله لهم إلا إله واحد ، فأعرضوا عنه وأبوا الإجابة إليه ، فقل لهم : قَدْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَوَاءٍ يقول : أعلمهم أنك وهم على علم من أن بعضكم لبعض حرب ، لاصلح بينكم ولا سلم .
وإنما عُني بذلك قوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قُرَيش ، كما :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قوله : فإنْ تَوَلّوْا فَقُل آذَنْتُكُمْ عَلى سَوَاءٍ فإن تولوا ، يعني قريشا .
وقوله : وَإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ يقول تعالى ذكره لنبيه : قل وما أدري متى الوقت الذي يحلّ بكم عقاب الله الذي وعدكم ، فينتقم به منكم ، أقريب نزوله بكم أم بعيد ؟
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج : وَإنْ أدْرِي أقَرِيبٌ أمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ قال : الأجل .
{ فإن تولوا } عن التوحيد . { فقل آذنتكم } أي أعلمتكم ما أمرت به أو حربي لكم . { على سواء } مستوين في الإعلام به أو مستوين أنا وأنتم في العلم بما أعلمتكم به ، أو في المعاداة أو إيدانا على سواء . وقيل أعلمتكم أني على { سواء } أي عدل واستقامة رأي بالبرهان النير . { وإن أدري } وما أدري . { أقريب أم بعيد ما توعدون } من غلبة المسلمين أو الحشر لكنه كائن لا محالة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.