{ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ } أي : يمنعون إعطاء الشيء ، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية ، أو الهبة ، كالإناء ، والدلو ، والفأس ، ونحو ذلك ، مما جرت العادة ببذلها والسماحة به{[1483]} .
فهؤلاء -لشدة حرصهم- يمنعون الماعون ، فكيف بما هو أكثر منه .
وفي هذه السورة ، الحث على إكرام{[1484]} اليتيم ، والمساكين ، والتحضيض على ذلك ، ومراعاة الصلاة ، والمحافظة عليها ، وعلى الإخلاص [ فيها و ] في جميع الأعمال .
والحث على [ فعل المعروف و ] بذل الأموال الخفيفة ، كعارية الإناء والدلو والكتاب ، ونحو ذلك ؛ لأن الله ذم من لم يفعل ذلك ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب ، والحمد لله رب العالمين .
لما كان الأمر كذلك ، وصف - سبحانه - هؤلاء المكذبين بالبعث والجزاء بأوصاف أخرى ، فقال : { فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ . الذين هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ . الذين هُمْ يُرَآءُونَ . وَيَمْنَعُونَ الماعون } .والفاء في قوله : { فَوَيْلٌ } للتفريع والتسبب ، والويل : الدعاء بالهلاك والعذاب الشديد .
وهو مبتدأ ، وقوله { لِّلْمُصَلِّينَ } خبره ، والمراد بالسهو هنا : الغفلة والترك وعدم المبالاة .
أى : فهلاك شديد ، وعذاب عظيم ، لمن جمع هذه الصفات الثلاث ، بعد تكذيبه بيوم الدين ، وقسوته على اليتيم ، وامتناعه عن إطعام المسكين .
وهذه الصفات الثلاث أولها : الترك للصلاة ، وعدم المبالاة بها ، والإِخلال بشروطها وأركانها وسننها وآدابها .
وثانيها : أداؤها رياء وخداعا ، لا عن إخلاص وطاعة لله رب العالمين ، كما قال - تعالى - :
{ إِنَّ المنافقين يُخَادِعُونَ الله وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَآءُونَ الناس وَلاَ يَذْكُرُونَ الله إِلاَّ قَلِيلاً }
وثالثها : منع الماعون : أي منع الخير والمعروف والبر عن الناس . فالمراد بمنع الماعون : مع كل فضل وخير عن سواهم . فلفظ " الماعون " أصله " معونة " ، والألف عوض من الهاء . والعون : هو مساعدة الغير على بلوغ حاجته . . فالمراد بالماعون : ما يستعان به على قضاء الحوائج ، من إناء ، أو فأس ، أو نار ، أو ما يشبه ذلك .
ومنهم من يرى أن المراد بالماعون هنا : الزكاة ؛ لأنه جرت عادة القرآن الكريم أن يذكر الزكاة بعد الصلاة .
قال الإِمام ابن كثير : قوله : { وَيَمْنَعُونَ الماعون } أى : لا أحسنوا عبادة ربهم ، ولا أحسنوا إلى خلقه ، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به ، ويستعان به ، مع بقاء عينه ورجوعه إليهم ، فهؤلاء لمنع الزكاة ومنع القربات أولى وأولى . .
وسئل ابن مسعود عن الماعون فقال : هو ما يتعاوره الناس بينهم من الفأس والقِدْر . .
وهكذا نرى السورة الكريمة قد ذمت المكذبين بيوم الدين ذما شديدا ، حيث وصفتهم بأقبح الصفات وأشنعها .
ومن هنا لا تنشئ الصلاة آثارها في نفوس هؤلاء المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون . فهم يمنعون الماعون . يمنعون المعونة والبر والخير عن إخوانهم في البشرية . يمنعون الماعون عن عباد الله . ولو كانوا يقيمون الصلاة حقا لله ما منعوا العون عن عباده ، فهذا هو محك العبادة الصادقة المقبولة عند الله . .
وهكذا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام حقيقة هذه العقيدة ، وأمام طبيعة هذا الدين . ونجد نصا قرآنيا ينذر مصلين بالويل . لأنهم لم يقيموا الصلاة حقا . إنما أدوا حركات لا روح فيها . ولم يتجردوا لله فيها . إنما أدوها رياء . ولم تترك الصلاة أثرها في قلوبهم وأعمالهم فهي إذن هباء . بل هي إذن معصية تنتظر سوء الجزاء !
وننظر من وراء هذه وتلك إلى حقيقة ما يريده الله من العباد ، حين يبعث إليهم برسالاته ليؤمنوا به وليعبدوه . . .
إنه لا يريد منهم شيئا لذاته سبحانه - فهو الغني - إنما يريد صلاحهم هم أنفسهم . يريد الخير لهم . يريد طهارة قلوبهم ويريد سعادة حياتهم . يريد لهم حياة رفيعة قائمة على الشعور النظيف ، والتكافل الجميل ، والأريحية الكريمة والحب والإخاء ونظافة القلب والسلوك .
فأين تذهب البشرية بعيدا عن هذا الخير ? وهذه الرحمة ? وهذا المرتقى الجميل الرفيع الكريم ? أين تذهب لتخبط في متاهات الجاهلية المظلمة النكدة وأمامها هذا النور في مفرق الطريق ?
وقوله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } يقول : ويمنعون الناس منافع ما عندهم ، وأصل الماعون من كلّ شيء منفعته ، يقال للماء الذي ينزل من السحاب : ماعون ، ومنه قول أعشى بني ثعلبة .
بأَجْوَدَ مِنْهُ بِمَاعُونِهِ *** إذَا ما سَماؤُهُمُ لَمْ تَغِمْ
*** يَمُجّ صَبِيرُهُ المَاعُونَ صَبّا ***
قَوْمٌ على الإسْلامِ لَمّا يَمْنَعوا *** ما عُونَهُمْ وَيُضَيّعوا التّهْليلا
يعني بالماعون : الطاعة والزكاة .
واختلف أهل التأويل في الذي عُنِي به من معاني الماعون في هذا الموضع ، فقال بعضهم : عُنِيَ به الزكاة المفروضة . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قال عليّ رضي الله عنه ، في قوله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : الزكاة .
حدثني ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قال عليّ رضي الله عنه : المَاعُونَ : الزكاة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا سفيان وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن السديّ ، عن أبي صالح ، عن عليّ رضي الله عنه قال : المَاعُونَ : الزكاة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : أخبرنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عليّ رضي الله عنه { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : يمنعون زكاة أموالهم .
حدثني محمد بن عمارة وأحمد بن هشام قالا : حدثنا عبيد الله بن موسى ، قال : أخبرنا إسرائيل ، عن السديّ ، عن أبي صالح ، عن عليّ رضي الله عنه { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : الزكاة .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : { المَاعُونَ } قال : الزكاة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن عليّ ، مثله .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، أن عليا رضي الله عنه كان يقول : المَاعُونَ : الصدقة المفروضة .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد { وَيَمنَعُونَ المَاعُونَ } أن عليا رضي الله عنه قال : هي الزكاة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن رجل ، عن مجاهد ، عن ابن عمر ، قال : المَاعُونَ : الزكاة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي المُغيرة ، قال : سأل رجل ابن عمر عن الماعون ، قال : هو المال الذي لا يؤدّى حقه . قال : قلت : إن ابن أمّ عبد يقول : هو المتاع الذي يتعاطاه الناس بينهم ، قال : هو ما أقول لك .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا وهب بن جرير ، قال : حدثنا شعبة ، عن سلمة ، قال : سمعت أبا المُغيرة قال : سألت ابن عمر ، عن الماعون ، فقال : هو منع الحقّ .
حدثنا عبد الحميد بن بيان ، قال : أخبرنا محمد بن يزيد ، عن إسماعيل ، عن سلمة بن كهيل ، قال : سُئل ابن عمر عن الماعون ، فقال : هو الذي يُسأل حقّ ماله ويمنعه ، فقال : إن ابن مسعود يقول : هو القدر والدلو والفأس ، قال : هو ما أقول لكم .
حدثني هارون بن إدريس الأصمّ ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن إسماعيل بن خالد ، عن سلمة بن كهيل ، أن ابن عمر سُئل عن قول الله : { وَيمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : الذي يُسأل مال الله فيمنعه ، فقال الذي سأله ، فإن ابن مسعود يقول : هو الفأس والقدر ، قال ابن عمر : هو ما أقول لك .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن إسماعيل بن خالد ، عن سلمة بن كهيل ، قال : سأل رجل ابن عمر عن الماعون ، فذكر مثله .
حدثني سليمان بن محمد بن معدي كرب الرّعَيني ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، قال : ثني سلمة بن كهيل ، قال : سمعت أبا المغيرة : رجلاً من بني أسد ، قال : سألت عبد الله بن عمر عن الماعون ، قال : هو منع الحقّ ، قلت : إن ابن مسعودٍ قال : هو منع الفأس والدلو . قال : هو منع الحقّ .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي المغيرة ، عن ابن عمر قال : هي الزكاة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن السّديّ ، عن أبي صالح ، عن عليّ ، مثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا جابر بن زيد بن رفاعة ، عن حسان بن مخارق ، عن سعيد بن جُبير ، قال : المَاعُونَ : الزكاة .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة والحسن : الماعون : الزكاة المفروضة .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن إسماعيل ، عن أبي عمر ، عن ابن الحنفية رضي الله عنه قال : هي الزكاة .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : الزكاة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : هم المنافقون يمنعون زكاة أموالهم .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : المَاعُونَ : الزكاة المفروضة .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سعيد ، عن قتادة ، مثله .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا محمد بن عقبة ، قال : سمعت الحسن يقول : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : منعوا صدقات أموالهم ، فعاب الله عليهم .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن مبارك ، عن الحسن { الّذِينَ هُمْ يُراءُونَ وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : هو المنافق الذي يمنع زكاة ماله ، فإن صلى رأى ، وإن فاتته لم يَأس عليها .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سلمة ، عن الضحاك ، قال : هي الزكاة .
وقال آخرون : هو ما يتعاوَرُهُ النّاس بينهم من مثل الدّلو والقِدر ونحو ذلك . ذكر من قال ذلك :
حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة ، قال : حدثنا ابن أبي إدريس ، عن الأعمش ، عن الحكم بن يحيى بن الجزار ، عن أبي العبيدين ، أنه قال لعبد الله : أخبرني عن الماعون ؟ قال : هو ما يتعاوره الناس بينهم .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم ، قال : سمعت يحيى بن الجزار يحدّث عن أبي العبيدين : رجل من بني تميم ضرير البصر ، وكان يسأل عبد الله بن مسعود ، وكان ابن مسعود يعرف له ، فسأل عبد الله عن الماعون ، فقال عبد الله : إن من الماعون منع الفأس والقدر والدلو ، خصلتان من هؤلاء الثلاث ، قال شعبة : الفأس ليس فيه شكّ .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا الوليد ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن يحيى بن الجزار ، عن أبي العبيدين ، عن عبد الله ، مثله .
حدثني يعقوب بن إبراهيم ، قال : حدثنا ابن عليَة ، قال : حدثنا شعبة ، عن الحكم بن عتيبة ، عن يحيى بن الجزار ، أن أبا العبيدين : رجلا من بني تميم ، كان ضرير البصر ، سأل ابن مسعود عن الماعون ، فقال : هو منع الفأس والدلو ، أو قال : منع الفأس والقدر .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن يحيى بن الجزار ، أن أبا العبيدين سأل ابن مسعود ، عن الماعون ، قال : هو ما يتعاوره الناس بينهم ، الفأس والقدر والدلو .
حدثنا أحمد بن منصور الرمادي ، قال : حدثنا أبو الجوّاب ، عن عمار بن رزيق ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن أبي العبيدين ، عن عبد الله ، كنا أصحاب محمد نحدّث أن الماعون : القدر والفأس والدلو . قال أبو بكر : قال أبو الجوّاب ، وخالفه زهير بن معاوية فيما :
حدثنا به الحسن الأشيب ، قال : حدثنا زُهَير ، قال : حدثنا أبو إسحاق ، عن حارثة ، عن أبي العبيدين ، حدثني محمد بن عبيد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن أبي إسحاق ، عن حارثة ، عن أبي العبيدين وسعيد بن عياض ، عن عبد الله ، قال : كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نتحدّث أن الماعون : الدلو والفأس والقدر ، لا يستغنى عنهنّ .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا شعبة ، عن ابن أبي إسحاق ، عن سعد بن عياض ، قال أبو موسى : هكذا قال غُنْدَر عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قالوا : إن من الماعون : الفأس والدلو والقدر .
حدثنا ابن المثنى ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن عياض ، يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم بمثله .
قال : ثنا أبو داود ، قال : حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت سعد بن عياض ، يحدّث عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، مثله .
حدثنا خلاد ، قال : أخبرنا النضر ، قال : أخبرنا إسرائيل ، قال : أخبرنا أبو إسحاق ، عن حارثة بن مضرب ، عن أبي العبيدين ، قال : قال عبد الله : الماعون : القدر والفأس والدلو .
حدثنا خلاد ، قال : أخبرنا النضر ، قال : أخبرنا المسعوديّ ، قال : أخبرنا سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين ، وكانت به زمانة ، وكان عبد الله يعرف له ذلك ، فقال : يا أبا عبد الرحمن ما الماعون ؟ قال : ما يتعاطى الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن سلمة بن كهيل ، عن مسلم ، عن أبي العبيدين ، أنه سأل ابن مسعود ، عن الماعون ، فقال : ما يتعاطاه الناس بينهم .
قال : ثنا مهران ، عن الحسن وسلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين ، عن ابن مسعود ، قال : الفأس والدلو والقدر وأشباهه .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ ، عن المسعوديّ ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي العبيدين ، أنه سأل ابن مسعود ، عن قوله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } فذكر نحوه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيمي ، عن الحارث بن سويد ، عن ابن مسعود ، قال : الفأس والقدر والدلو .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن إبراهيم التيميّ ، عن الحارث بن سويد ، عن عبد الله قال : المَاعُونَ : منع الفأس والقدر والدلو .
حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الحرث بن سويد ، عن عبد الله ، أنه سُئل عن الماعون ، قال : ما يتعاوره الناس بينهم : الفأس والدلو وشبهه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن الأعمش ، عن مالك بن الحرث ، عن ابن مسعود ، قال : الدلو والفأس والقدر .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن سعيد بن عياض ، عن أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : الماعون : الفأس والقدر والدلو .
حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، قال : سُئل عبد الله عن الماعون ، قال : ما يتعاوره الناس بينهم ، الفأس والقدر والدلو وشبهه .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم أنه قال : هو عارية الناس : الفأس والقدر والدلو ونحو ذلك ، يعني الماعون .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن عبد الله ، بمثله .
قال : ثنا وكيع ، عن الأعمش ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس مثله ، قال : الفأس والدلو .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت الأسديّ ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس قال : المَاعُونَ : العارية .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، قال : هو العارية .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، نحوه .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : { الماعُونَ } قال : متاع البيت .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا إسماعيل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، أراه عن ابن عباس «شكّ أبو كُرَيب » { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : المتاع .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، قال : أخبرنا ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قال ابن عباس : هو متاع البيت .
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قال : يمنعونهم العارية ، وهو الماعون .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : اختلف الناس في ذلك ، فمنهم من قال : يمنعون الزكاة ، ومنهم من قال : يمنعون الطاعة ، ومنهم من قال : يمنعون العارية .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : لم يجىء أهلها بعد .
حدثني ابن المثنى ، قال : حدثنا محمد ، قال : حدثنا شعبة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قال ابن عباس : المَاعُونَ : ما يتعاطى الناس بينهم .
حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، قال : أخبرنا ابن عُلَية ، قال : حدثنا ليث ، عن أبي إسحاق ، عن الحرث ، قال : قال عليّ رضي الله عنه : الماعون : منع الزكاة والفأس والدلو والقدر .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو عاصم النبيل ، قال : حدثنا سفيان ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جُبير قال : الماعون : العارية .
حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : حدثنا عبثر ، قال : حدثنا حصين ، عن أبي مالك ، في قول الله : { وَيَمْنَعُونَ المَاعُونَ } قال : الدلو والقدر والفأس .
حدثنا عمرو بن عليّ ، قال : حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي وائل ، عن عبد الله ، قال : كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم ونحن نقول : الماعون : منع الدلو وأشباه ذلك .
وقال آخرون : الماعون : المعروف . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن إبراهيم السلمي ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا محمد بن رفاعة ، قال : سمعت محمد بن كعب يقول : الماعون : المعروف .
وقال آخرون : الماعون : هو المال . ذكر من قال ذلك :
حدثني أحمد بن حرب ، قال : حدثنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، قال : الماعون ، بلسان قريش : المال .
حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ذئب ، عن الزهريّ ، قال : الماعون : بلسان قريش : المال .
وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب ، إذ كان الماعون هو ما وصفنا قبل ، وكان الله قد أخبر عن هؤلاء القوم ، وأنهم يمنعونه الناس ، خبرا عاما ، من غير أن يخصّ من ذلك شيئا ، أن يقال : إن الله وصفهم بأنهم يمنعون الناس ما يتعاورونه بينهم ، ويمنعون أهل الحاجة والمسكنة ما أوجب الله لهم في أموالهم من الحقوق ؛ لأن كلّ ذلك من المنافع التي ينتفع بها الناس بعضهم من بعض .
{ يمنعون الماعون } الزكاة أو ما يتعاور في العادة ، والفاء جزائية ، والمعنى إذا كان عدم المبالاة باليتيم من ضعف الدين والموجب للذم والتوبيخ فالسهو عن الصلاة التي هي عماد الدين ، والرياء الذي هو شعبة من الكفر ، ومنع الزكاة التي هي قنطرة الإسلام ، أحق بذلك ، ولذلك رتب عليها الويل ، أو للسببية على معنى فويل لهم ، وإنما وضع المصلين موضع الضمير للدلالة على سوء معاملتهم مع الخالق والخلق .
{ ويمنعون الماعون } أي الصدقة أو الزكاة ، قال تعالى في المنافقين : { ويقبضون أيديهم } [ التوبة : 67 ] فلما عُرفوا بهذه الخلال كان مفاد فاء التفريع أن أولئك المتظاهرين بالصلاة وهم تاركوها في خاصتهم هم من جملة المكذبين بيوم الدين ويدُعُّون اليتيم ولا يحضّون على طعام المسكين .
وحكى هبة الله بن سَلاَمَة في كتاب « الناسخ والمنسوخ » : أن هذه الآيات الثلاث نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول ، أي فإطلاق صيغة الجمع عليه مراد بها واحد على حد قوله تعالى : { كذبت قوم نوح المرسلين } [ الشعراء : 105 ] أي الرسول إليهم .
والسهو حقيقته : الذهول عن أمر سبق عِلمُه ، وهو هنا مستعار للإِعراض والترك عن عمد استعارة تهكمية مثل قوله تعالى : { وتنسون ما تشركون } [ الأنعام : 41 ] أي تعرضون عنهم ، ومثله استعارة الغفلة للإعراض في قوله تعالى : { بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين } في سورة الأعراف ( 136 ) وقوله تعالى : { والذين هم عن آياتنا غافلون } في سورة يونس ( 7 ) ، وليس المقصود الوعيد على السهو الحقيقي عن الصلاة لأن حكم النسيان مرفوع على هذه الأمة ، وذلك ينادي على أن وصفهم بالمصلين تهكم بهم بأنهم لا يصلون .
واعلم أنه إذا أراد الله إنزال شيء من القرآن ملحقاً بشيء قبله جعَل نظم الملحق مناسباً لما هو متصل به ، فتكون الفاء للتفريع . وهذه نكتة لم يسبق لنا إظهارها فعليك بملاحظتها في كل ما ثبت أنه نزل من القرآن ملحقاً بشيء نزل قبله منه .