تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ مِنكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ إِنَّمَا ٱسۡتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُواْۖ وَلَقَدۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (155)

ثم قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ }

يخبر تعالى عن حال الذين انهزموا يوم " أحد " وما الذي أوجب لهم الفرار ، وأنه من تسويل الشيطان ، وأنه تسلط عليهم ببعض ذنوبهم . فهم الذين أدخلوه على أنفسهم ، ومكنوه بما فعلوا من المعاصي ، لأنها مركبه ومدخله ، فلو اعتصموا بطاعة ربهم لما كان له عليهم من سلطان .

قال تعالى : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان } ثم أخبر أنه عفا عنهم بعدما فعلوا ما يوجب المؤاخذة ، وإلا فلو واخذهم لاستأصلهم .

{ إن الله غفور } للمذنبين الخطائين بما يوفقهم له من التوبة والاستغفار ، والمصائب المكفرة ، { حليم } لا يعاجل من عصاه ، بل يستأني به ، ويدعوه إلى الإنابة إليه ، والإقبال عليه .

ثم إن تاب وأناب قبل منه ، وصيره كأنه لم يجر منه ذنب ، ولم يصدر منه عيب ، فلله الحمد على إحسانه .