الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ مِنكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ إِنَّمَا ٱسۡتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُواْۖ وَلَقَدۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (155)

قوله : ( إِنَّ الذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الجَمْعَانِ ) الآية [ 155 ] .

هذه الآية إعلام من الله تعالى أنه قد غفر لهم انهزام يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبرنا تعالى أنهم إنما دعاهم إلى الزلة الشيطان ببعض ما تقدم لهم من أمرهم فانهزموا .

قيل : إنه ذكرهم بذنوب لم يتوبوا منها ، فكرهوا أن يلقوا الله –عز وجل- على غير توبة ، فانهزموا لئلا يقتلوا قبل التوبة ، فغفر الله لهم فرارهم( {[11086]} ) .

وقال السدي : عنى بذلك من دخل المدينة منهزماً خاصة دون أن يصعد الجبل( {[11087]} ) . وقيل : نزلت في رجال لأعيانهم فروا ، منهم : عثمان بن عفان وغيره ، فروا وأقاموا على فرارهم ثلاثاً ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : لقد ذهبتم في أرض عريضة ، فأعلمنا الله عز وجل أنه عفا عنهم( {[11088]} ) .


[11086]:- انظر: هذا التوجيه في معاني الزجاج 1/481 وتعقبه أبو حيان بأنه لا يصح إذ يمكنهم أن يتوبوا قبل القتل أو أثناءه، انظر: البحر 3/91.
[11087]:- انظر: جامع البيان 445 والدر المنثور 2/355.
[11088]:- انظر: المصدر السابق.