النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ مِنكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ إِنَّمَا ٱسۡتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُواْۖ وَلَقَدۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (155)

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوا مِنكُم يَومَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ } فيهم تأويلان :

أحدهما : هم كل من ولّى الدبر من المشركين بأحد وهذا قول عمر ، وقتادة ، والربيع .

والثاني : أنهم من هرب إلى المدينة وقت الهزيمة ، وهذا قول السدي .

{ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا } فيه قولان :

أحدهما : أنه محبتهم للغنيمة وحرصهم على الحياة .

والثاني : استزلهم بذكر خطايا سلفت لهم ، وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة منها والخروج من المظلمة فيها ، وهذا قول الزجاج .

{ وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنهُم } فيه قولان :

أحدهما : حلم عنهم إذ لم يعاجلهم بالعقوبة ، وهذا قول ابن جريج وابن زيد .

والثاني : غفر لهم الخطيئة ليدل على أنهم قد أخلصوا التوبة .

وقيل : إن الذين بقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهزموا ثلاثة عشر رجلاً ، منهم خمسة من المهاجرين : أبو بكر وعلي وطلحة وعبد الرحمن وسعد بن أبي وقاص ، والباقون من الأنصار .