بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ مِنكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ إِنَّمَا ٱسۡتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُواْۖ وَلَقَدۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (155)

ثم نزل في المنهزمين قوله تعالى : { إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ } أي الذين انهزموا منكم { يَوْمَ التقى الجمعان } يعني جمع المسلمين ، وجمع المشركين { إِنَّمَا استزلهم الشيطان } قال القتبي : { استزلهم } أي طلب زلتهم ، كما يقال : استعجلت فلاناً أي طلبت عجلته ؛ واستعملته أي طلبت عمله . ويقال : زَيَّنَ لهم الشيطان { بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ } يعني : الذي أصابهم كان بأعمالهم كما قال في آية أخرى { وَمَآ أصابكم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ } [ الشورى : 30 ] . { وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ } حيث لم يستأصلهم { أَنَّ الله غَفُورٌ } لذنوبهم { حَلِيمٌ } إذ لم يعجل عليهم بالعقوبة .

قال : حدّثنا الخليل بن أحمد ، قال : حدّثنا السراج ، قال : حدّثنا قتيبة ، قال : حدّثنا أبو بكر عن غيلان بن جرير ، أن عثمان كان بينه وبين عبد الرحمن بن عوف كلام ، فقال له عبد الرحمن : أتسبُّني وقد شهدت بدراً ولم تشهدها ؟ وبايعتُ تحت الشجرة ولم تُبَايع ؟ وقد كنت توليت فيمن تولى يوم الجمع أي يوم أحد فردّ عليه عثمان وقال : أما قولك إنك شهدت بدراً ولم أشهدها ، فإني لم أغب عن شيء شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلا أن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت مريضة فكنت معها أُمرِّضها ، وضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم في سهام المسلمين . وأما بيعة الشجرة ، فبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم رداً على المشركين بمكة ؛ فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه على شماله قال : « هَذِهِ لِعُثْمَانَ » فيمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إليّ خير من يميني وشمالي . وأما يوم الجمع فقال الله تعالى : { إِنَّ الذين تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ التقى الجمعان إِنَّمَا استزلهم الشيطان بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا الله عَنْهُمْ } فكنت فيمن عفى الله عنهم . فخصم عثمان عبد الرحمن بن عوف .