الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوۡاْ مِنكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ إِنَّمَا ٱسۡتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ بِبَعۡضِ مَا كَسَبُواْۖ وَلَقَدۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٞ} (155)

{ إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ } انهزموا { مِنكُمْ } يا معشر المؤمنين { يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ } جمع المسلمين والمشركين { إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ } .

قال المفضل : حملهم على الزلل ، وهو استفعل من الزلّة وهي الخطيئة .

وقال القتيبي : طلب زلتهم ، كما يقال : استعجلت عليها ، أي طلبت عجلته ، واستعجلته طلبت عمله ، وقيل : أزل واستزل بمعنى واحد .

وقال الكلبي : زيّن لهم الشيطان أعمالهم حينما كسبوا ، أي بشؤم ذنوبهم ، قال المفسرون : بتركهم المراكز ، وقال الحسن : ما كسبوا قبولهم من إبليس وما وسوس إليهم من الهزيمة .

{ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ } .

وروى إبراهيم بن إسحاق الزهري ، أن جعفر بن عون حدثهم أن زائدة حدثهم عن كليب ابن وائل قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن عثمان أكان شهد بدراً ؟ قال : لا ، قال : أكان شهد بيعة الرضوان ؟ قال : لا ، قال : أفكان من الذين تولّوا يوم التقى الجمعان ؟ قال : نعم ، فقيل له : إن هذا يرى أنك قد عبته ، فقال : عليّ به ، أمّا بدر فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ضرب له بسهمه ، وأما بيعة الرضوان فقد بايع [ له ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من يد عثمان ، وأما الذين تولوا يوم التقى الجمعان [ فإن الله قال : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ } ] فاذهب فاجهد عليّ جهدك .