بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِـَٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا وَإِيَّـٰيَ فَٱتَّقُونِ} (41)

ثم قال : { وَآمِنُواْ بِمَا أَنزَلْتُ مُصَدّقًا لّمَا مَعَكُمْ } ، أي صدقوا بهذا القرآن الذي أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم مصدقاً أي موافقاً لما معكم ، من التوحيد . وفي بعض الشرائع أنزلت يعني التوراة والإنجيل { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } ، يعني أول من يكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم ويقال : { بِهِ } يعني بالقرآن . وإنما يريد بني قريظة والنضير . فإن قيل : ما معنى قوله تعالى : { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } وقد كفر به قبلهم مشركو العرب ، قيل له : معناه { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } في وقت هذا الخطاب . ويقال : إن أحبار اليهود كان لهم أتباع ، فلو أسلموا أسلم أتباعهم ولو كفروا كفر أتباعهم كلهم ، فهذا معنى قوله { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } من قومكم . { وَلاَ تَشْتَرُواْ بآياتي ثَمَنًا قَلِيلاً } أي بكتمان صفة محمد صلى الله عليه وسلم عرضاً يسيراً ، لأنهم كانوا عرفوا صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكانت لهم مأكلة ووظائف من سفلة اليهود ، وكانت لهم رئاسة ، فكانوا يخافون أن تذهب وظائفهم ورئاستهم ؛ فقال : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بآياتي ثَمَنًا قَلِيلاً } أي عرض الدنيا وإنما سماه { قليلاً } ، لأن الدنيا كلها قليل . ثم خوفهم فقال : { وإياي فاتقون } في صفة محمد صلى الله عليه وسلم فمن جحد به أدخلته النار .