الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِـَٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا وَإِيَّـٰيَ فَٱتَّقُونِ} (41)

قوله : ( مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ ) [ 40 ] .

أي هذا القرآن يصدق التوراة والإنجيل لأن فيها الأمر باتباعحمد صلى الله عليه وسلم ، وكذلك في القرآن . فمن لم يتبعه فقد كفر بالجميع ؛ لأنهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل . وكذلك حكى الله عنهم ، فإذا جحدوا به فقد جحدوا ما هو مكتوب عندهم ، ومَن جحَد حرفاً واحداً من كتاب( {[1821]} ) الله فهو جاحد للجميع .

قوله : ( أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ) [ 40 ] .

أي أول من كفر . وقيل : أول فريق كافر .

وقيل : معناه لا تسبوا الكفر وأنتم علماء فيُقتدى بكم .

وقيل : معناه : [ ولا تكونوا ]( {[1822]} ) أول من كفر به من أهل الكتاب ؛ يريد قريظة والنضير( {[1823]} ) خاصة ، لأنه قد كفر به المشركون قبل ذلك/ بمكة ، وليس نهيه أن تكونوا أول كافر يبيح( {[1824]} ) لهم أن يكونوا ثانياً أو ثالثاً فما بعده ، لأن النهي( {[1825]} ) عن الشيء لا يكون دليلاً على إباحة( {[1826]} ) أضداده . وذلك في الأمر جائز ، يكون الأمر بالشيء دليلاً عن( {[1827]} ) النهي عن أضداده .

والهاء في " به " تعود على محمد صلى الله عليه وسلم( {[1828]} ) .

وقيل : على كتابهم لأنهم إذا كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ، فقد كفروا بكتابهم( {[1829]} ) .

وقيل : الهاء تعود على القرآن لأنه جرى ذكره في أول الآية ، ولم يجر( {[1830]} ) ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ولا التوراة والإنجيل( {[1831]} ) باللفظ ، ولكن( {[1832]} ) جرى ذلك بالمعنى في قوله : ( لِّمَا مَعَكُمْ )( {[1833]} ) .

وقيل : إن هذا خطاب لقريظة والنضير لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم عليهم فعصوه فكانوا أول من كفر( {[1834]} ) به من اليهود .

قوله : ( وَلاَ تَشْتَرُوا بِئَايَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً ) [ 40 ] .

كان لأشراف اليهود مأكلة يأكلونها من أموال الناس كل عام على الدين فخشوا أن( {[1835]} ) يؤمنوا فتذهب مأكلتهم .


[1821]:- سقط من ق.
[1822]:- في ع2: لا تكون. وفي ع3: أن تكونوا.
[1823]:- في ع3: النضر.
[1824]:- في ح: بمبيح.
[1825]:- في ق: المنهي.
[1826]:- في ق: إباحته.
[1827]:- في ع2، ق: على.
[1828]:- وهو قول لأبي العالية في تفسير القرطبي 1/333.
[1829]:- انظر: جامع البيان 1/563 والمرجع السابق.
[1830]:- في ع1، ق: يجد. وفي ع2: يجز.
[1831]:- في ع3: ولا.
[1832]:- في ع2: وأكد. وهو تحريف.
[1833]:- وهو قول ابن جريج في جامع البيان 1/563. وتفسير القرطبي 1/333.
[1834]:- في ق: الكفر. وهو تحريف.
[1835]:- قوله: "كان لإشراف. فخشوا أن" ساقط من ع3.