اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِـَٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا وَإِيَّـٰيَ فَٱتَّقُونِ} (41)

قوله : " ما " يجوز أن تكون بمعنى " الذي " ، والعائد محذوف ، أي : بالذي أنزلته ، ويجوز أن تكون مصدرية ، والمصدر واقع موقع المفعول أي : [ بالمنزل ]{[1266]} .

و " مصدقاً " نصب على الحال ، وصاحبها العائد المَحْذُوف .

وقيل : صاحبها " ما " ، والعامل فيها " آمنوا " ، وأجاز بعضهم أن تكون " ما " مصدرية من غير جعله المصدر واقعاً موقع مفعول به ، وجعل " لما معكم " من تمامه ، أي : بإنزالي لما معكم ، وجعل " مصدقاً " حالاً من " ما " المجرورة باللاَّم قدمت عليها ، وإن كان صاحبها مجروراً ؛ لأن الصَّحيح جواز تقديم حال المجرور بحرف الجر عليه ؛ كقوله : [ الطويل ]

431 فَإِنْ يَكُ أَذْوَادٌ أُصِبْنَ وَنِسْوَةٌ *** فَلَنْ تَذْهَبُوا فِرْغاً بِقَتْلِ حِبَالِ{[1267]}

" فِرْغاً " حال من " بِقَتْل " ، وأيضاً فهذه " اللام " زائدة ، فهي في حكم المطرح ، و " مصدقاً " حال مؤكّدة ؛ لأنه لا تكون إلا كذلك .

والظاهر أن " ما " بمعنى " الذي " وأن " مصدقاً " حال من عائد الموصول ، وأن اللاّم في " لما " مقوية لتعدية " مصدقاً " ل " ما " الموصولة بالظَّرْفِ .

فصل في بيان المخاطبين في الآية

اعلم أن المخاطبين بقوله : " وآمنوا " هم بنو إسرائيل لعطفه على قوله : { اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ } ، ولقوله : { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } .

وقوله : " بِمَا أَنْزَلت " فيه قولان :

أحدهما : أنه القرآن ؛ لأنه وصفه بكونه منزلاً ، وبكونه مصدقاً لما معهم .

والثاني : قال قَتَادَةُ : بما أنزلت من كتاب ورسول تجدونه مكتوباً في التَّوراة ، والإنجيل .

ومن جعل " ما " مصدرية قدّرها ب " إنزالي لما معكم " يعني : التوراة .

وقوله : { مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } فيه تفسيران :

أحدهما : أن في القرآن أنَّ موسى وعيسى حَقّ ، والتوراة والإنجيل حَقّ ، فالإيمان بالقرآن مؤكّد للإيمان بالتوراة والإنجيل .

والثاني : أنه حصلت البِشَارَةُ بمحمد عليه الصَّلاة والسَّلام وبالقرآن في التوراة والإنجيل ، فكان الإيمان بالقرآن ، وبمحمد تصديقاً للتوراة والإنجيل ، وتكذيب محمد والقرآن تكذيبٌ للتوراة والإنجيل .

قال ابن الخطيب{[1268]} : وهذا التفسير يدلّ على نبوة محمد عليه الصَّلاة والسَّلام من وجهين :

الأول : أن شهادة كتب الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام لا تكون إلا حقّاً .

والثاني : أنه عليه الصلاة والسَّلام لم يقرأ كتبهم ، ولم يكن له معرفة بذلك إلاَّ من قبل الوحي .

قوله : { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } .

" أول " خبر كان ، وفيه أربعة أقوال :

أحدهما وهو مذهب سيبويه - : أنه " أفعل " ، وأن فاءه وعينه واو ، وتأنيثه " أُوْلَى " ، وأصلها : " وُوْلَى " ، فأبدلت الواو همزة وجوباً ، وليست مثل " وُورِي " في عدم قلبها لسكون الواو بعدها ، لأن واو " أُوْلَى " تحركت في الجمع في قولهم " أوْل " ، فحمل المفرد على الجمع في ذلك ، ولم يتصرف من " أول " فعل لاستثقاله .

وقيل : هو من " وأل " إذا نجا ، ففاؤه واو ، وعينه همزة ، وأصله : " أوأل " فخففت بأن قلبت الهمزة واواً ، وأدغمت الواو الأولى فيها فصار : " أول " ، وهذا ليس بقياس تخفيفه ، بل قياسه أن تلقى حركة الهمزة على " الواو " الساكنة ، وتحذف الهمزة ، ولكنهم شبهوه ب " خَطِية وَبَرِية " وهو ضعيف ، والجمع : " أوَائِل " و " أَوَالي " أيضاً على القلب .

وقيل : هو من " آلَ يَئُولُ " إذا رجع ، وأصله : " أَأْوَل " بهمزتين ، الأولى زائدة والثانية فاؤه ، ثم قلبت فأخرت الفاء بعد العين فصار : " أَوْأَل " بوزن " أَعْفَل " ، ثم فعل به ما فعل في الوجه الذي قبله من القلب والإدْغَام ، وهو أضعف منه .

وقيل : هو " وَوّل " بوزن " فَوْعَل " ، فأبدلت الواو الأولى همزة ، وهذا القول أضعفها ؛ لأنه كان ينبغي أن ينصرف ، والجمع " أوائل " ، والأصل : " وواول " فقلبت الأولى همزة لما تقدم ، والثالثة أيضاً لوقوعها بعد ألف الجمع ، وإنما لم يجمع على " أواول " لاستثقالهم اجتماع واوين بينهما ألف الجمع .

واعلم أن " أوّل " " أفعل " تفضيل ، و " أفعل " التفضيل إذا أضيف إلى نكرة كان مفرداً مذكراً مطلقاً ، ثم النكرة المضاف إليها " أفعل " ، إما أن تكون جامدةً أو مشتقةً ، فإن كانت جامدة طابقت ما قبلها نحو : الزّيدان أفضلُ رجلين ، الزيدون أفضلُ رجال ، الهندات أفضلُ نسوة .

وأجاز المبرد إفرادها مطلقاً .

وإن كانت مشتقة ، فالجمهور أيضاً على وجوب المطابقة ، نحو : " الزيدون أفضلُ ذاهبين وأكرمُ قادمين " ، وأجاز بعضهم المُطَابقة وعدمها ؛ أنشد الفراء : [ الكامل ]

432 وَإِذَا هُمُ طَعِمُوا فَأَلأَمُ طَاعِمٍ *** وَإِذَا هُمْ جَاعُوا فَشَرُّ جِيَاع{[1269]}

فأفرد في الأول ، وطابق في الثاني ، ومنه عندهم : { وَلاَ تَكُونُواْ أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } [ البقرة : 41 ] .

إذا تقرر هذا ، فكان ينبغي على قول الجمهور أن يجمع " كافر " ، فأجابوا عن ذلك بأوجه :

أجودها : أن " أفْعَل " في الآية ، وفي البيت مُضَاف لاسم مفرد مفهم للجمع حذف ، وبقيت صفته قائمةً مقامه ، فجاءت النكرة المضاف إليها " أفعل " مفردة اعتباراً بذلك الموصوف المحذوف ، والتقدير : ولا تكونوا أوّل فريق أو فَوْجٍ كافر ، وكذا " فألأم فرق طاعم " ، وقيل : لأنه في تأويل : { أَوَّلَ من كَفر بِهِ } .

وقيل : لأنه في معنى : لا يكن كل واحد منكم أول كافر ، كقولك : كَسَانَا حُلّة أي : كل واحد منَّا ، ولا مفهوم لهذه الصفة هنا ، فلا يراد : ولا تكونوا أول كافر ، بل آخر كافر ؛ لأن ذكر الشّيء ليس فيه دلالة على أن ما عداه بخلافه .

وأيضاً فقوله : { وَآمِنُواْ بِمَآ أَنزَلْتُ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ } دليل على أن كفرهم أولاً وآخراً محظور ، وأيضاً فقوله : { رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا }

[ الرعد : 2 ] لا يدلّ على وجود عَمَدٍ لا يرونها ، وقوله : { وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } [ آل عمران : 181 ] لا يدلّ على وقوع قتل الأنبياء بحق .

وقوله بعد هذه الآية : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } [ البقرة : 41 ] لا يدلّ على إبَاحَةِ ذلك بالثّمن الكثير ، فكذا هاهنا ، ولما اعتقد بعضهم أن لها مفهوماً احتاج إلى تأويل جعل " أول " زائداً ، قال تقديره : ولا تكونوا كافرين به ، وهذا ليس بِشَيْءٍ ، وقدّره بعضهم بأن ثَمَّ معطوفاً محذوفاً تقديره : ولا تكونوا أوّل كافر به ، ولا آخر كافر ، ونصّ على الأول ؛ لأنه أفحش للابتداء به ؛ وهو نظير قوله : [ الرمل ]

433 مِنْ أُنَاسٍ لَيْسَ في أَخْلاَقِهِمْ *** عَاجِلُ الفُحْشِ وَلاَ سُوءُ الجَزَعْ{[1270]}

لا يريد أن فيهم فحشاً آجلاً ، بل يريد لا فحش عندهم لا عاجلاً ولا آجلاً . والهاء في " به " تعود على " ما أنزلت " .

وقيل : على " ما معكم " .

وقيل : على الرسول عليه الصلاة والسلام ؛ لأن التنزيل يستدعي منزلاً إليه .

وقيل : على النعمة ذهاباً بها إلى معنى الإحسان .

فإن قيل : كيف جعلوا أوّل من كفر به ، وقد سبقهم إلى الكُفْرِ به مشركو العرب ؟

فالجواب : من وجوه :

أحدها : أن هذا تعريض بأنه كان يجب أن يكونوا أوّل من يؤمن به لمعرفتهم به وبصفته ؛ لأنهم كانوا هم المبشّرين بزمان محمد عليه الصَّلاة والسَّلام والمُسْتفتحين على الذين كفروا به ، فلمّا بعث كان أمرهم على العكس لقوله تعالى : { فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ }

[ البقرة : 89 ] .

وثانيها : المُرَاد : ولا تكونوا مثل أو كافر به ، يعني : من أشرك من أهل " مكة " ، أي أنتم تعرفونه مذكوراً في التوراة والإنجيل ، فلا تكونوا مثل من لم يعرفه ، وهو مشرك لا كتاب له .

وثالثها : ولا تكونوا أول كافر به من أهل الكتاب ؛ لأن هؤلاء كانوا أول من كفر بالقرآن من بني إسرائيل ، وإن كانت قريش كَفَرَتْ به قبل ذلك .

ورابعها : ولا تكونوا أول كافر به ، يعني بكتابكم يقول ذلك لعلمائهم ، أي : ولا تكونوا أول أحد من أمتكم كذب كتابكم ؛ لأن تكذيبكم بمحمد صلى الله عليه وسلم يوجب تَكْذِيبَكُمْ بكتابكم .

وخامسها : ولا تكونوا أوّل كافر به عند سَمَاعكم بذكره ، بل تثبَّتوا فيه ، وراجعوا عقولكم فيه .

قوله : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } .

" بآياتي " متعلّق بالاشتراء وضمن الاشتراء معنى الاستبدال ، فلذلك دخلت الباء على الآيات ، وكان القياس دخولها على ما هو ثَمَن ؛ لأن الثمن في البيع حقيقته أن يشترى به ، لا أن يشترى ، لكن لما دخل الكلام معنى الاستبدال جاز ذلك ؛ لأن معنى الاستبدال أن يكون المنصوب فيه حاصلاً والمجرور بالباء زائلاً .

وقد ظنّ بعضهم أن قولك : " بدلت الدِّرْهَمَ بالدينار " وكذا : " أبدلت " أيضاً أن الدينار هو الحاصل ، والدرهم هو الزَّائل ، وهو وهم ؛ ومن مجيء " اشترى " بمعنى " استبدل " قوله : [ الجز ]

434 كَمَا اشْتَرَى المُسْلِمُ إذْ تَنَصَّرَا{[1271]} *** . . .

وقول الآخر : [ الطويل ]

435 فَإِنْ تَزْعُمِيني كُنْتُ أَجْهَلُ فيكُمُ *** فَإِنِّي شَرَيْتُ الحِلْمَ بَعْدَكِ بِالجَهْلِ{[1272]}

وقال المهدوي : دخول " الباء " على " الآيات " كدخولها على " الثَّمن " ، وكذلك كل ما لا عَيْنَ فيه ، وإذا كان في الكلام دَرَاهم أو دنانير دخلت الباء على الثمن ، قاله الفرّاء ، يعني أنه إذا لم يكن في الكلام دِرْهَمٌ ولا دينار صحّ أن يكون كلّ من العوضين ثمناً ، ومثمناً ، لكن يختلف ذلك بالنسبة إلى المُتَعَاقدين ، فمن نسب الشراء إلى نفسه أدخل الباء على ما خرج منه ، وزال عنه ، ونصب ما حصل له ، فتقول " اشتريت هذا الثَّوْبَ بهذا العبد " .

وأما إذا كان ثَمّ دراهم أو دنانير كان ثمناً ليس إلا ، نحو " اشتريت الثوب بالدرهم " ، ولا تقول : " اشتريت الدِّرْهَمَ بالثوب " .

وقدر بعضهم مضافاً فقال : بتعليم آياتي ؛ لأن الآيات نفسها لا يُشْتَرَى بها ، ولا حَاجَةَ إلى ذلك ؛ لأن معناه الاستبدال كما تقدم .

و " ثمناً " مفعول به ، و " قليلاً " صفته .

و " إيَّايَ فَاتَّقُونِ " كقوله : { وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } [ البقرة : 40 ] .

وقال هنا : " فَاتَّقُونِ " وهناك : " فَارْهَبُونِ " لأن ترك المأمور به هناك معصية ، وهي ترك ذكر النعمة والإيفاء بالعَهْد ، وهنا ترك الإيمان بالمنزل والاشتراء به ثمناً قليلاً كفر ، فناسب ذكر الرهب هناك ؛ لأنه أخف يجوز العفو عنه لكونه معصية ، وذكر التقوى هنا ؛ لأنه كفر لا يجوز العفو عنه ؛ لأن التقوى اتخاذ الوقاية لما هو كائن لا بُدّ منه .

فصل في الباعث على كفر زعماء اليهود

قال ابن عباس : إن رؤساء اليهود مثل كَعْب بن الأَشْرَف وحُيَي بن أَخْطَبَ وأمثالهما كانوا يأخذون من فقراء اليهود الهَدَايا ، وعلموا أنهم لو اتبعوا محمداً لانقطعت عنهم تلك الهدايا ، فأصروا على الكفر لئلا ينقطع عنهم ذلك القَدْرُ المحتقر .

قال القرطبي في تفسيره : هذه الآية وإن كانت خاصّة ببني إسرائيل ، فهي تتناول من فعل فعلهم ، فمن أخذ رِشْوَةً على تغيير حق ، أو إبطاله ، أو امتنع من تعليم ما وجب عليه ، أو أداء ما علمه ، وقد تعيّن عليه حتى يأخذ عليه أجراً ، فقد دخل في مقتضى الآية .

وروى أبو داود عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تَعَلَّم علماً مما يبتغي به وَجْه الله لا يتعلَّمُهُ إلا لِيُصِيبَ به غرضاً من الدنيا لم يَجِدْ عرفَ الجَنَّةِ يوم القِيَامَةِ " يعني : ريحَهَا .

وقد اختلف العلماء في أخذ الأُجْرة على تعليم القرآن والعلم ، فمنع ذلك الزّهري ، وأصحاب الرأي وقالوا : لا يجوز أخذ الأُجْرة على تعليم القُرْآن ؛ لأن تعليمه واجب من الواجبات التي يحتاج فيها إلى نِيَّةِ التقرب ، فلا يؤخذ عليها أجره كالصَّلاة والصيام .

واستدلوا بالآية [ وروى أبو هريرة قال : قلت : يا رسول الله ما تقول في المُعَلِّمِينَ ؟ قال : " درهمهم حَرَام ، وشربهم سُحْتٌ وكلامهم رِيَاءٌ " . وروى عبادة بن الصامت قال : " علمت ناساً من أهل الصفّة القرآن والكتابة ، فأهدى إليّ رجل منهم قَوْساً ، فقلت : ليست بمال [ وأرمي ] عنها في سبيل الله ، فسألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إنْ سَرَّكَ أن تُطَوَّقَ بها طَوْقاً من نارٍ فاقْبَلْهَا{[1273]} " .

وأجاز أخذ الأُجْرَةِ على تعليم القرآن مالكُ ، والشَّافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وأكثر العلماء ، لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث الرُّقية :

" إنَّ أَحَقّ ما أَخَذْتُمْ عليه أجراً كِتَابُ الله{[1274]} " أخرجه البُخَاري ، وهو نصّ [ برفع الخلاف ، فينبغي أن يُعَوّل عليه ] .

وأما حُجّة [ المخالفين ] فقياسهم في مقابلة النَّص ، وهو قادر ، ويمكن الفرق ، وهو أن الصَّلاة والصَّوم عبادات مُخْتَصَّة بالفاعل ، وتعليم القرآن عبادة متعدّية لغير المعلم ، فيجوز الأجرة على مُحَاولته النقل كتعليم كتابة القرآن .

قال ابن المنذر ، وأبو حنيفة : يُكْره تعليم القرآن بأجرة ، ويجوز أن يستأجر الرجل يكتب له لوحاً أو شعراً أو غناء معلوماً بأجر معلوم ، فيجوز الإجارة فيما هو مَعْصية ، ويبطلها فيما هو طَاعَةٌ .

وأما الآية فهي خَاصَّة ببني إسرائيل ، وشرع من قبلنا هل هو شرعٌ لنا ؟ فيه خلاف ، وهو لا يقول به ، ويمكن أن تكون الآية فيمن تعيّن عليه التَّعْليم ، فأبى حتى يأخذ عليه أجراً .

فأما إذا لم يتعيّن فيجوز له أخذ الأُجرة بدليل السُّنّة في ذلك ، وقد يتعيّن عليه إلاّ أنه ليس عنده ما ينفقه على نفسه ، ولا على عِيَالِهِ ، فلا يجب عليه التَّعليم ، وله أن يقبل على صِنْعَتِهِ وحِرْفَتِهِ . [ وأما أحاديثهم فلا يصح منها شيء في الدليل ] .


[1266]:-في أ: بالمقول.
[1267]:-البيت لطليحة بن خويلد. ينظر المقاصد النحوية: 3/ 154، إصلاح المنطق: 19، شرح الأشموني: 1/249، شرح ابن عقيل: 331، شرح عمدة الحافظ، والمحتسب: 2/148، والتهذيب: 8/110، (فرع) واللسان (فرع) والدر المصون: 1/205.
[1268]:- ينظر الرازي: 3/39.
[1269]:- ينظر النوادر: (152)، معاني القرآن: (1/333)، الطبري: (1/562)، البحر: (1/332)، مجمع البيان: (1/208)، روح المعاني: (1/245)، الدر المصون: (1/206).
[1270]:- البيت لسويد بن أبي كاهل اليشكري من عينيته الشهيرة، ينظر شرح المفضليات للتبريزي: 2/886، والبحر المحيط: 1/ 333، مجمع البيان: 1/210، الدر المصون: 1/206.
[1271]:- ينظر الكشاف (1/131)، البحر المحيط (1/333)، الدر المصون (1/206).
[1272]:- البيت لأبي ذؤيب الهذلي في الأضداد: 107 و 186، وتخليص الشواهد : 428، وخزانة الأدب: 11/249، والدرر: 2/242، شرح أبيات سيبويه: 1/ 86 و 351، شرح أشعار الهذليين: 1/90، شرح شواهد الإيضاح: 119، شرح شواهد المغني: 2/671، والكتاب: 1/121، ولسان العرب [زعم]، مغني اللبيب: 2/416، المقاصد النحوية: 2/ 388، شرح ابن عقيل: 214، همع الهوامع: 1/148، والدر المصون: 1/207.
[1273]:- أخرجه ابن ماجه (2/730) رقم (2157) وأحمد (5/315) والبيهقي (6/155).
[1274]:-أخرجه البخاري "كتاب الطب" باب الشروط في الرقية رقم (5737) والبيهقي (1/430) وابن حبان (1131) والدارقطني (3/65) رقم (248) والبغوي (8/267).