النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلۡتُ مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَكُمۡ وَلَا تَكُونُوٓاْ أَوَّلَ كَافِرِۭ بِهِۦۖ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِـَٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗا وَإِيَّـٰيَ فَٱتَّقُونِ} (41)

قوله عز وجل : { وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ } يعني من القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ، { مُصَدٍِّقاً لِمَا مَعَكُمْ } يعني من التوراة ، وفيه ثلاثة أقاويل :

أحدها : مصدقاً لما في التوراة ، من توحيد الله وطاعته .

والثاني : مصدقاً لما في التوراة ، أنها من عند الله .

والثالث : مصدقاً لما في التوراة من ذكر القرآن ، وبَعْثِهِ{[98]} مُحمداً صلى الله عليه وسلم نبيّاً .

وفي قوله تعالى : { وَلاَ تَكُونُوا أُوَّلَ كَافِرٍ بِهِ } ثلاثة أقاويل :

أحدها : ولا تكونوا أول كافرٍ بالقرآن من أهل الكتاب ، وهو قول ابن جريجٍ .

والثاني : ولا تكونوا أول كافر بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وهذا قول أبي العالية .

والثالث : ولا تكونوا أول كافرٍ بما في التوراة والإنجيل من ذكر محمدٍ وتصديقِ القرآن .

وفي قوله تعالى : { وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } ثلاثةُ تأويلاتٍ :

أحدها : لا تأخذوا عليه أجراً ، وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : " يا ابن آدم علِّم مجَّاناً كما عُلِّمْتَ مجَّاناً " ، وهذا قول أبي العالية .

والثاني : لا تأخذوا على تغييره وتبديله ثمناً ، وهذا قول الحسن البصري .

والثالث : لا تأخذوا ثمناً{[99]} قليلاً على كتم ما فيه من ذكر محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، وتصديق القرآن ، وهذا قول السدي .


[98]:- وبعثه: في ك ونعته.
[99]:- ثمنا: في الأصول طمعا والسياق يأبى ذلك.