بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡنَا ٱهۡبِطُواْ مِنۡهَا جَمِيعٗاۖ فَإِمَّا يَأۡتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدٗى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ} (38)

قوله تعالى : { قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعًا } ، يعني آدم وحواء وإبليس والحية . وفي الآية دليل على أن المعصية تزيل النعمة عن صاحبها ، لأن آدم قد أخرج من الجنة بمعصيته . وهذا كما قال القائل :

إِذَا كُنْتَ فِي نِعْمَةٍ فَارْعَهَا . . . فَإِنَّ المَعَاصِي تُزِيلُ النِّعَمْ

وَدَاوِمْ عَلَيْهَا بِشُكْرِ الإِله . . . فَإِنَّ الإِلهَ شَدِيدُ النِّقَمْ

وقال تعالى : { لَهُ معقبات مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حتى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سواءا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ } [ الرعد : 11 ] الآية .

وقوله تعالى : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّي هُدًى } ، وأصله فإن ما إلا أن النون أدغمت في الميم ، وإن لتأكيد الكلام ، وما للصلة ، ومعناه فإما يأتينكم مني هدى يعني البيان ، وهو الكتاب والرسل ، خاطب به آدم وعنى به ذريته . { فَمَن تَبِعَ هُدَايَ } ، يعني اتبع كتابي وأطاع رسلي { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } فيما يستقبلهم من العذاب ، { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما خلفوا من أمر الدنيا .