بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَمَّا جَآءَهُمۡ كِتَٰبٞ مِّنۡ عِندِ ٱللَّهِ مُصَدِّقٞ لِّمَا مَعَهُمۡ وَكَانُواْ مِن قَبۡلُ يَسۡتَفۡتِحُونَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَآءَهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِۦۚ فَلَعۡنَةُ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (89)

ثم قوله تعالى : { وَلَمَّا جَاءهُمْ كتاب مّنْ عِندِ الله } أي حين جاءهم القرآن { مُصَدّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ } ، أي موافقاً للتوراة في التوحيد ، وفي بعض الشرائع . ويقال : { مصدق لما معهم } يعني يدعوهم إلى تصديق ما معهم ، لأن من كفر بالقرآن فقد كفر بالتوراة . { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ } ، أي من قبل مجيء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يستنصرون على المشركين ، لأن بني قريظة والنضير قد وجدوا نعته في كتبهم فخرجوا من الشام إلى المدينة ، ونزلوا بقربها ينتظرون خروجه . وكانوا إذا قاتلوا من يلونهم من المشركين مشركي العرب يستفتحون عليهم ، أي يستنصرون ويقولون : اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك وبكتابك الذي تنزل عليه الذي وعدتنا وكانوا يرجون أن يكون منهم فينصروا على عدوهم ، فذلك قوله تعالى : { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ } ، أي باسم النبي صلى الله عليه وسلم { فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ } ، أي محمد صلى الله عليه وسلم وعرفوه { كَفَرُواْ بِهِ } وغيّروا نعته مخافة أن تزول عنهم منفعة الدنيا .

كما قال تعالى : { فَلَعْنَةُ الله عَلَى الكافرين } ، أي سخط الله وعذابه على الجاحدين محمداً صلى الله عليه وسلم .