بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَعَلَّمۡنَٰهُ صَنۡعَةَ لَبُوسٖ لَّكُمۡ لِتُحۡصِنَكُم مِّنۢ بَأۡسِكُمۡۖ فَهَلۡ أَنتُمۡ شَٰكِرُونَ} (80)

قوله عز وجل : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ } ، يعني : دروع الحديد ؛ وذلك أن داود خرج يوماً متنكراً ، ليسأل عن سيرته في مملكته ، فقال جبريل : نِعْمَ الرجل هو ، لولا أن فيه خصلة واحدة . قال : وما هي ؟ قال : بلغني أنه يأكل من بيت المال ، وليس شيء أفضل من أن يأكل الرجل من كدّ يده . فرجع داود عليه السلام وسأل الله عز وجل أن يجعل رزقه من كدّ يديه ، فألان له الحديد ، وكان يتخذ منها الدروع ويبيعها ويأكل من ذلك ؛ فذلك قوله : { وَعَلَّمْنَاهُ } يعني : ألهمناه ، ويقال : { علمناه } بالوحي صنعة اللبوس لكم . { لِتُحْصِنَكُمْ مّن بَأْسِكُمْ } ، يعني : يمنعكم قتال عدوكم . قرأ ابن عامر وعاصم في رواية حفص بالتاء { لِتُحْصِنَكُمْ } ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر { ***لنحصنكم } بالنون بدليل قوله وعلمناه وقرأ الباقون بالياء للفظ التذكير يعني : ليحصنكم الله عز وجل ، ويقال : يعني : اللبوس ، ومن قرأ بالتاء فهو كناية عن الصنعة ، واختار أبو عبيد بالتاء { لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ } ، لأن اللبوس أقرب إليه ثم قال : { فَهَلْ أَنتُمْ شاكرون } . اللفظ لفظ الاستفهام ، يعني : اشكروا وارث هذه النعم ووحدوه .