قوله : { لَبُوسٍ } : الجمهورُ على فتح اللام ، وهو الشيءُ المُعَدُّ لِلُّبْس . قال الشاعر :
البَسْ لكلِّ حالةٍ لَبُوْسَها *** إمَّا نَعيمَها وإمَّا بُوْسَها
وقُرِىء " لُبُوْس " بضمِّها ، وحينئذٍ : إمَّا أَنْ يكونَ جمعَ لُبْسِ المصدرِ الواقعِ موقعَ المفعول ، وإمَّا أَنْ لا يكونَ واقعاً موقعَه ، والأولُ أقربُ . و " لكم " يجوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بعَلَّمْناه ، وأَنْ يتعلَّقَ بصَنْعَة . قاله أبو البقاء . وفيه بُعْد ، وأن يتعلَّقَ بمحذوفٍ على أنه صفةٌ لِلَبوس .
قوله : { لِتُحْصِنَكُمْ } هذه لامُ كي . وفي متعلِّقها أوجهٌ ، أحدها : أن يتعلَّقَ بَعَلَّمْناه . وهذا ظاهرٌ على القولين الأخيرين . وأمَّا على القولِ الثالثِ فيُشْكِلُ . وذلك أنه يلزمُ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جر متحدَيْن لفظاً ومعنىً . ويُجاب عنه : بأَنْ يُجْعَلَ بدلاً من " لكم " بإعادةِ العاملِ ، كقوله تعالى : { لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ } [ الزخرف : 33 ]/ وهو بدلُ اشتمالٍ وذلك أنَّ " أنْ " الناصبةَ للفعلِ المقدرِ مؤولةٌ هي ومنصوبُها بمصدرٍ . وذلك المصدرُ بدلٌ من ضميرِ الخطابِ في " لكم " بدلُ اشتمالٍ ، والتقدير : وعَلَّمْناه صنعةَ لَبوسٍ لتحصينِكم .
الثاني : أَنْ يتعلَّقَ ب " صَنْعَةَ " على معنى أنه بدلٌ من " لكم " كما تقدَّم تقريرُه ، وذلك على رأي أبي البقاء فإنه عَلَّق " لكم " ب " صَنْعَةَ " . والثالث : أن يتعلَّقَ بالاستقرار الذي تعلَّقَ به " لكم " إذا جَعَلْناه صفةً لِما قبله .
وقرأ الحَرَمِيَّان والأخَوان وأبو عمرو " ليُحْصِنَكم " بالياء من تحتُ . والفاعلُ اللهُ تعالى وفيه التفاتٌ على هذا الوجهِ إذ تَقَدَّمَه ضميرُ المتكلم في قولِه : { وَعَلَّمْنَاهُ } أو داودُ أو التعليمُ أو اللَّبوس . وقرأ حفصٌ وابن ُ عامر بالتاء من فوقُ . والفاعل الصَّنْعَةُ أو الدِّرْعُ وهي مؤنثةٌ ، أو اللَّبوس ؛ لأنها يُراد بها ما يُلْبَسُ ، وهو الدِّرْعُ ، والدِّرْعُ مؤنثة كما تقدم . وقرأ أبو بكر " لِنُحْصِنَكم " " بالنونِ جرياً على " عَلَّمْناه " وعلى هذه القراءاتِ الثلاثِ : الحاءُ ساكنةٌ والصادُ مخففةٌ .
وقرأ الأعمش " لتُحَصِّنَكم " وكذا الفقيمي عن أبي عمروٍ بفتحِ الحاءِ وتشديد الصادِ على التكثير . إلاَّ أنَّ الأعمشَ بالتاءِ من فوقُ ، وأبو عمروٍ بالياء من تحتُ . وقد تقدَّم ما هو الفاعلُ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.