بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{كُنتُمۡ خَيۡرَ أُمَّةٍ أُخۡرِجَتۡ لِلنَّاسِ تَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَتَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَتُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِۗ وَلَوۡ ءَامَنَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ لَكَانَ خَيۡرٗا لَّهُمۚ مِّنۡهُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ وَأَكۡثَرُهُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (110)

{ كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } قال الكلبي : أخبر الله تعالى أن خير الدين عند الله دين أهل الإسلام ، ووصفهم بالوفاء فقال تعالى : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ } . . . يقول : كنتم خير أهل دين كان الناس لا يظلمون من خالطهم منهم ، أو من غيرهم ، فجعلهم الله خير الناس للناس { تَأْمُرُونَ بالمعروف } ويقال : خير أمة أُخْرِجَت للناس ، تأمرون بالمعروف ، فتقاتلون الكفار ليسلموا ، فترجع منفعتهم إلى غيرهم .

كما قال صلى الله عليه وسلم : « خيرُ النَّاسِ مَنْ يَنْفَعُ النَّاس » ويقال : { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ } يعني : كنتم عند الله في اللوح المحفوظ . ويقال : كنتم مذ أنتم خير أُمَّة . ويقال : هذا الخطاب لأصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم ، يعني أنتم خير الأمة . كما قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « خَيْرُ القُرُونِ أَصْحَابِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ » ثُمَّ وَصَفَهُمْ ، فقال : { تَأْمُرُونَ بالمعروف } أي بالتوحيد والإسلام . { وَتَنْهَوْنَ عَنِ المنكر } أي عن الشرك { وَتُؤْمِنُونَ بالله } أي تصدقون بتوحيد الله ، وتثبتون على ذلك . وقال الزجاج : { تؤمنون بالله } ، معناه تقرون أن محمداً صلى الله عليه وسلم نبيّ الله ، لأن من كفر بمحمد صلى الله عليه وسلم لم يوحد الله ، لأنه يزعم أن الآيات المعجزات التي أتى بها من ذات نفسه .

ثم قال تعالى : { وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتاب } وهم اليهود والنصارى { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } من الإقامة على دينهم { مّنْهُمُ المؤمنون } وهم مؤمنو أهل الكتاب عبد الله بن سلام وأصحابه ، ومن آمن من اليهود والنصارى { وَأَكْثَرُهُمُ الفاسقون } وهم كعب بن الأشرف وأصحابه ، والذين لم يؤمنوا منهم .