بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَا يَحۡزُنكَ ٱلَّذِينَ يُسَٰرِعُونَ فِي ٱلۡكُفۡرِۚ إِنَّهُمۡ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيۡـٔٗاۚ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلَّا يَجۡعَلَ لَهُمۡ حَظّٗا فِي ٱلۡأٓخِرَةِۖ وَلَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (176)

{ وَلاَ يَحْزُنكَ الذين يسارعون في الكفر } قال الكلبي : يعني به المنافقين ورؤساء اليهود ، كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب فنزل : { وَلاَ يَحْزُنكَ الذين يسارعون في الكفر } . ويقال : إن أهل الكتاب لما لم يؤمنوا ، شقّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الناس ينظرون إليهم ويقولون : إنهم أهل الكتاب ، فلو كان قوله حقاً لاتبعوه . فنزلت هذه الآية . ويقال : نزلت في مشركي قريش ، لأنهم كانوا أقرباءه ، والناس يقولون : لو كان قوله حقاً لاتبعه أقرباؤه ، فشق ذلك عليه فنزلت { وَلاَ يَحْزُنكَ الذين يسارعون في الكفر } أي يبادرون في الكفر ولا يصدقونك { إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ الله شَيْئاً } أي لا ينقصوا من ملك الله شيئاً وسلطانه شيئاً بكفرهم وهذا كما روى أبو ذر الغفاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « قَالَ الله لَو أنَّ أوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَجِنَّكُمْ وَإنْسَكُمْ كَانُوا عَلَى أتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ ، مَا زَادَ ذلك فِي مُلْكِ الله شَيْئاً وَلَوْ كَانَ أوَّلُكُمْ وَآخِرُكُمْ وَجِنُّكُمْ وَإنْسُكُمْ كَانُوا عَلَى أفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ مِنْكُمْ ، مَا نَقَصَ مِنْ مُلْكِ الله جَنَاحَ بَعُوضَةٍ »

ثم قال تعالى : { يُرِيدُ الله أَن ألا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً في الآخرة } أي نصيباً في الجنة { وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ } في الآخرة . قرأ نافع : { ولا يُحْزِنْك } بضم الياء وكسر الزاي ، وكذلك ما كان نحو هذا في جميع القرآن إلا في قوله تعالى : { لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر وتتلقاهم الملائكة هذا يَوْمُكُمُ الذي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [ الأنبياء : 103 ] وقرأ الباقون بنصب الياء وضم الزاي ، وهما لغتان وتفسيرهما واحد .