بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ} (178)

قوله تعالى : { وَلاَ يَحْسَبَنَّ الذين كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ خَيْرٌ لأِنفُسِهِمْ } يعني : لا يظن الكفار أن الذي نملي لهم ونمهلهم خير لهم ، ويقال : ما نعطيهم من المال والولد لا يظنن أن ذلك خير لهم في الآخرة ، بل هو شر لهم في الآخرة { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي نعطي لهم المال والولد ، يهانون به من العذاب . ويقال : { إنما نملي لهم } ، أي بما أصابوا من الظفر يوم أُحد لم يكن ذلك خيراً لأنفسهم ، وإنما كان ليزدادوا عقوبة . ويقال : إنما نملي لهم ونؤخر العذاب عنهم ليزدادوا إثماً ، أي جرأة على المعاصي . وإنما كان ذلك مجازاة لكفرهم وخبث نياتهم . وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : ما من بر وفاجر إلا والموت خير له ، لأنه إن كان براً فقد قال الله تعالى : { لَكِنِ الذين اتقوا رَبَّهُمْ لَهُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خالدين فِيهَا نُزُلاٍ مِّنْ عِندِ الله وَمَا عِندَ الله خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } [ آل عمران : 198 ] وإن كان فاجراً فقد قال الله تعالى : { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً } قرأ ابن عامر وعاصم : { لا يحسبن } بالياء ونصب السين . قرأ الباقون بالتاء وكسر السين ، وكذلك الذي بعد هذا .