بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّقَدۡ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوۡلَ ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ سَنَكۡتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتۡلَهُمُ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلۡحَرِيقِ} (181)

{ لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء } . وقال في رواية الضحاك : لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا }[ الحديد :11 ] قالت الفجرة من كفرة اليهود : أفقير ربنا فيستقرضنا ؟ قالوا ذلك على وجه الاستهزاء ، فنزلت هذه الآية .

ويقال إن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر إلى اليهود ليأمرهم بالإسلام ، وأن يعطوا الصدقة ويؤمنوا ، فلما انتهى إليهم أبو بكر قال فنحاص بن عازورا : أيسأل الله منا الصدقة ؟ فهو فقير ونحن أغنياء . فنزلت هذه الآية { لَّقَدْ سَمِعَ الله قَوْلَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ } أي حفظ قولهم ونجازيهم ويقال : { سنكتب ما قالوا } ، يعني : يكتب عليهم الكرام الكاتبون ويؤاخذون به في الآخرة { وَقَتْلِهِمُ } أي ونكتب قتلهم { الأنبياء بِغَيْرِ حَقّ } يعني بلا جرم { وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق } أي تقول لهم خزنة جهنم في الآخرة ذلك . قرأ حمزة : { سيُكتَب } بضم الياء ونصب التاء ، { وقتلُهم الأنبياء } بضم اللام على معنى فعل ما لم يسم فاعله ، يعني يكتب قتلهم الأنبياء ، ويقول بالياء . والباقون { سنكتب } بالنون ، وقتلهم بنصب اللام ، ونقول بالنون . وقوله : { ذُوقُواْ عَذَابَ الحريق } روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لَوْ أنَّ شَرَارَةً وَقَعَتْ بِالمَشْرِقِ لَغَلَتْ مِنْهَا جَمَاجِمُ قَوْمٍ بِالمَغْرِبِ ، وَلَوْ أنَّ حَلقَةً مِنْ سَلاَسِلِ النَّارِ وُضِعَتْ عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لاحْتَرَقَ إلى سَبْعِ أَرَضِين » فهذا معنى قوله : { عَذَابَ الحريق } .