بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (27)

ثم قال تعالى { تُولِجُ الليل في النهار } يعني ما نقص من الليل دخل في النهار ، حتى يبلغ خمسة عشرة ساعة هو أطول ما يكون ، والليل تسع ساعات ، وهو أقصر ما يكون { وَتُولِجُ النهار في الليل } يعني أن ما نقص من النهار دخل في الليل ، حتى يصير الليل خمس عشرة ساعة ، والنهار تسع ساعات .

وهو قول الكلبي . ويقال : { تُولِجُ الليل في النهار } أي تذهب بالليل ، وتجيء بالنهار ، وتذهب بالنهار ، وتجيء بالليل ، هكذا إلى أن تقوم الساعة . ثم قال { وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت وَتُخْرِجُ الميت مِنَ الحي } فقرأ نافع وحمزة والكسائي وعاصم في رواية حفص { المَيِّت } بالتشديد ، والباقون

{ المَيْت } بالتخفيف ، وهما لغتان ومعناهما واحد .

قال الكلبي : يعني تخرج البيضة ، وهي ميتة من الطير ، وهو حي ، وتخرج الطير الحي من البيضة الميتة ، وتخرج النطفة ، وهي ميتة من الإنسان الحي ، وتخرج الإنسان الحي من النطفة الميتة ، وتخرج الحبة من السنبلة إلى آخره . وقال الحسن البصري : يخرج المؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من المؤمن . ويقال : يخرج الجاهل من العالم ، ويخرج العالم من الجاهل . وروى معمر عن الزهري ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على بعض نسائه ، فإذا بامرأة حسنة الهيئة فقال : «مَنْ هذه ؟ » قالوا إحدى خالاتك . قال : «وَمَنْ هِيَ ؟ » قالوا هي خالدة بنت الأَسْوَد بن عَبْد يغوث . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سُبْحَانَ الَّذِي يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ " ، وكانت امرأة صالحة ، وكان أبوها كافراً . ثم قال تعالى : { وَتَرْزُقُ مَن تَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ } يعني من غير أن تحاسب في الإعطاء ، فكأنه يقول : ليس فوقه من يحاسبه في الإعطاء . كما قال تعالى : { لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْألُونَ } [ الأنبياء : 23 ] ويقال : من غير أن يحاسبه في الإعطاء . ويقال : بغير تقتير . ويقال : بغير حساب كما قال ويرزقه من حيث لا يحتسب .