ثم قال تعالى : { لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَاء } قال ابن عباس في رواية أبي صالح : نزلت في شأن المنافقين عبد الله بن أَبيّ ابن سلول وأصحابه من أهل النفاق ، وكانوا قد أظهروا الإيمان ، وكانوا يتولون اليهود في العون والنصرة ، ويأتونهم بالأخبار ، ويرجون أن يكون لهم ظفر على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه . وقال مقاتل : نزلت في شأن حاطب بن أبي بلتعة وغيره ، ممن كانوا يظهرون المودة لكفار مكة ، فنهاهم الله تعالى عن ذلك فقال : { لاَّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَاء } ، فهذا نهي بلفظ المغايبة ، يعني لا يتخذونهم أولياء في العون والنصرة { مِن دُونِ المؤمنين وَمَن يَفْعَلْ ذلك فَلَيْسَ مِنَ الله فِي شيء } يعني ليس في ولاية الله من شيء . ويقال : ليس في دين الله من شيء ، لأن ولي الكافر يكون راضياً بكفره ، ومن كان راضياً بكفره ، فهو كافر مثله كقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ اليهود والنصارى أولياء بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين } [ المائدة : 51 ] .
ثم استثنى لما علم أن بعض المسلمين ، ربما يُبْتَلون في أيدي الكفار فقال تعالى : { إِلا أَن تَتَّقُواْ مِنْهُمْ تقاة } . قرأ يعقوب الحضرمي { تقية } ، وقراءة العامة { تقاة } ، ومعناهما واحد ، يعني يرضيهم بلسانه ، وقلبه مطمئن الإيمان ، فلا إثم عليه كما قال الله تعالى في آية أخرى { مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمانه إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بالإيمان ولكن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ الله وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } [ النحل : 106 ] قرأ حمزة والكسائي { تقاة } بالإمالة . وقرأ الباقون بتفخيم الألف ثم قال : { وَيُحَذّرُكُمُ الله نَفْسَهُ } يعني يخوّفكم الله بعقوبته ، أي الذي يتخذ الكافر وليّاً بغير ضرورة ، وهذا وعيد لهم . ويقال : إذا كان الوعيد مبهماً ، فهو أشد ثم قال تعالى : { وإلى الله المصير } أي مرجعكم في الآخرة ، فيجازيكم بأعمالكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.