الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{تُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۖ وَتُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَتُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّۖ وَتَرۡزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيۡرِ حِسَابٖ} (27)

{ تُولِجُ اللَّيْلَ فِي الْنَّهَارِ } : ( أي تدخل ما نقص من أحدهما في الآخر ) حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة ( وهو أطول ما يكون ) ، والليل تسع ساعات ، ( وهو أقصر ما يكون ) .

{ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي الْلَّيْلِ } : حتى يكون الليل خمس ( عشر ) ساعة ، والنهار تسع ساعات فما نقص عن هذا زيدَ في الآخر نظير قوله تعالى : { يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ } [ الزمر : 5 ] .

قال سعيد بن جبير : يوم وليلة ويوم وليلة عند خلق السماوات والأرض إلى أن تقوم الساعة ، ثم قرأ : { يولج الليل في النهار ويولج النَّهار في الليل } . { يخرج الحي مِن الميت ويخرج الميتَ من الحي } قال ابن مسعود وابن جبير ومجاهد وقتادة والضحّاك وإبراهيم والسدَّي وإسماعيل بن أبي خالد وعبد الرحمن بن زيد : يخرج الحيوان من النطفة وهي ميتة ، ويخرج النطفة من الحيوان .

عكرمة والكلبي : { يخرج الحي من الميت } ، أي الفرخ من البيضة ويخرج البيضة من الطير .

أبو مالك : يخرج النخلة من النواة ، ويخرج النواة من النخلة ، ويخرج السنبلة من الحبة والحبّة من السنبلة .

الحسن : يخرج المؤمن من الكافر ، ويخرج الكافر من المؤمن ، والمؤمن عبدٌ حي الفؤاد ، والكافر عبدٌ ميتُ الفؤاد يدل عليه قوله :

{ أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ . . . } [ الأنعام : 122 ] .

معمر عن الزهري : " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بعض نسائه ، فإذا بإمرأة حسنة الهيئة ، فقال : من هذه ؟ قالت : إحدى خالاتك ، فقال : إن خالاتي بهذه البلاد ( كثير ) أي خالاتي هذه ؟ قالت : هذه خالدة بنت الأسود بن عبد يغوث ، فقال : " سبحان اللَّه الذي يخرج الحي من الميت " وكانت امرأة صالحة . وكان مات أبوها كافراً .

الفرّاء : يخرج الطيب من الخبيث والخبيث من الطيب .

وقال أهل الاشارة : يخرج الحكمة من قلب الفاجر حتى لا تستقر فيه ، والسَّقطة من لسان العارف .

{ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }