بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَمَنۡ حَآجَّكَ فِيهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ فَقُلۡ تَعَالَوۡاْ نَدۡعُ أَبۡنَآءَنَا وَأَبۡنَآءَكُمۡ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمۡ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمۡ ثُمَّ نَبۡتَهِلۡ فَنَجۡعَل لَّعۡنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلۡكَٰذِبِينَ} (61)

{ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } وذلك أن النصارى لما أخبرهم بالمثل في حق عيسى عليه السلام قالوا ليس كما تقول ، وهذا ليس بمثل ، فنزلت هذه الآية { فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ } يعني خاصمك في أمر عيسى عليه السلام { مّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ العلم } أي من البيان في أمره { فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ } أي نخرج أبناءنا وأبناءكم { و } نخرج { وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ } يعني نحن بأنفسنا ، ويقال : إخواننا ونجتمع في موضع { ثُمَّ نَبْتَهِلْ } أي نلتعن . وقال مقاتل : يعني نخلص في الدعاء . ويقال : هي المبالغة في الدعاء والتضرع { فَنَجْعَل لَّعْنَةَ الله عَلَى الكاذبين } فواعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يخرجوا للملاعنة ، فجعلوا وقتاً للخروج ، وتفرقوا على ذلك ، ثم ندموا ، فلما كان ذلك اليوم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخذ بيد الحسن والحسين ، وخرج معه علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، فلما اجتمعوا في الموضع الذي واعدهم ، طلب منهم الملاعنة ، فقالوا نعوذ بالله ، فقال لهم : « إِمَّا أَنْ تُلْعَنُوا ، وَإِمَّا أَنْ تُسْلِمُوا ، وَإِمَّا أَنْ تُؤَدُّوا الجِزْيَةَ » ، فقبلوا الجزية ، وصالحوه بأن يؤدوا كل سنة ألفي حلة ، ألف حلة في المُحَرَّم ، وألف حلة في رجب ، وأَمَّرَ عليهم أبا عبيدة بن الجراح ، ورجعوا ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « لَوْ أَنَّهُمُ الْتَعَنُوا لَهَلَكُوا كُلُّهُمْ حَتَّى العَصَافِيرُ فِي سُقُوفِ الحِيطَانِ » .