بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{إِذۡ قَالَ ٱللَّهُ يَٰعِيسَىٰٓ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرۡجِعُكُمۡ فَأَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ فِيمَا كُنتُمۡ فِيهِ تَخۡتَلِفُونَ} (55)

قوله تعالى : { إِذْ قَالَ الله يا عيسى إِنّي مُتَوَفّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ } ففي الآية تقديم وتأخير ، ومعناه إني رافعك من الدنيا إلى السماء ، ومتوفّيك بعد أن تنزل من السماء على عهد الدجال ويقال : إنه ينزل ويتزوج امرأة من العرب بعدما يقتل الدجال ، وتلد له ابنة ، فتموت ابنته ، ثم يموت هو بعدما يعيش سنين ، لأنه قد سأل ربه أن يجعله من هذه الأمة ، فاستجاب الله دعاه . وروي عن أبي هريرة أنه جاء إلى الكتاب ، وقال للمعلم : قل للصبيان حتى يسكتوا ، فلما سكتوا قال لهم : أيها الصبيان من عاش منكم إلى وقت نزول عيسى عليه السلام فليقرئه مني السلام ، وإني كنت أرجو أن لا أخرج من الدنيا حتى أراه ، هذا كناية عن قرب الساعة .

ثم قال : { وَمُطَهّرُكَ } أي منجيك { مِنَ الذين كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الذين اتبعوك } على دينك { فَوْقَ الذين كَفَرُواْ } بالحجة والغلبة { إلى يَوْمِ القيامة } . وروي عن عبد الله بن عباس أنه قال : الذين اتبعوه هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، لأنهم هم الذين صدّقوه .

ثم قال { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ } يعني الذين اتبعوك ، والذين كفروا كلهم مرجعهم إلي . { فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ } يعني بين المؤمنين والكفار { فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } من الدين .