بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيۡءٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٞ} (92)

{ لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } قال ابن عباس في رواية أبي صالح أنه قال لن تنالوا ما عند الله من ثوابه في الجنة ، حتى تنفقوا مما تحبون ، أي حتى تخرجوا أموالكم طيبة بها أنفسكم . وقال مقاتل : يعني لن تنالوا التقوى ، حتى تنفقوا مما تحبون من الصدقة ، أي بعض ما تحبون من الأموال { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شيء } يعني الصدقة وصلة الرحم { فَإِنَّ الله بِهِ عَلِيمٌ } أي لا يخفى عليه ، فيثيبكم عليه . ويقال : { لن تنالوا البر } حتى تستكملوا التقوى . ويقال : لا تكونوا بارين ، حتى تنفقوا مما تحبون ، أي من الصدقة ، أي بعض ما تحبون من الأموال .

وروي عن عمر بن عبد العزيز ، أنه كان يشتري أعدالاً من السُّكَّر ، ويتصدق بها . فقيل له : هلا تصدقت بثمنه ؟ فقال : لأنَّ السُّكَّر أَحبّ إِليَّ ، فأردت أن أتصدق مما أحب .

وروي عن عبد الله بن عمر أنه اشترى جارية جميلة ، وكان يحبها ، فمكثت عنده أياماً ، ثم أعتقها وزوجها من رجل ، فَوُلِد لها ولد ، فكان يأخذ ولدها ، ويضمّه إلى نفسه . ويقول : أشم منك ريح أمك . فقيل له : قد رزقك الله من حلال ، وأنت تحبها ، فلم تركتها ؟ فقال : ألم تسمع هذه الآية : { لَن تَنَالُواْ البر حتى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ } . وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها كانت تقرأ في مصحف مذهب ، فلما انتهت إلى هذه الآية باعته ، وتصدقت بثمنه .