بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ ٱتَّقِ ٱللَّهَ وَلَا تُطِعِ ٱلۡكَٰفِرِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا} (1)

مقدمة السورة:

سورة الأحزاب مكية ، وهي سبعون وثلاث آيات .

قول الله سبحانه وتعالى : { يا أيها النبي اتق الله وَلاَ تُطِعِ الكافرين } قال مقاتل : وذلك أن أبا سفيان بن حرب ، وعكرمة بن أبي جهل ، وأبا الأعور السلمي ، قدموا المدينة بعد أحد ، وبعد الهزيمة ، فمروا على عبد الله بن أبي المنافق . فقام معهم عبد الله بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق . فجاؤوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم . فقالوا له : اترك ذكر آلهتنا . وقل : إن لها شفاعة في الآخرة ومنفعة لمن عبدها ، وندعك وربك . فشقّ ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه ائذن لي في قتلهم . فقال : «قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الأَمَانَ » . فلم يأذن له بالقتل ، وأمره بأن يخرجهم من المدينة . فقال لهم عمر : " اخرجوا في لعنة الله وغضبه " . فنزل { يا أيها النبي اتق الله } وقال مقاتل في رواية الكلبي : قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، فنزلوا على عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير ، وجد بن قيس ، فتكلموا فيما بينهم . فلما اجتمعوا في أمر فيما بينهم ، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونه إلى أمرهم ، وعرضوا عليه أشياءً فكرهها منهم . فهمّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون أن يقتلوهم ، فنزل { يا أيها النبي اتق الله } ولا تنقض العهد الذي بينك وبينهم إلى المدةَ . { وَلاَ تُطِعِ الكافرين } من أهل مكة { والمنافقين } من أهل المدينة فيما دعوك إليه . ويقال : إن المسلمين أرادوا أن ينقضوا العهد فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لهم . فنزل { يا أيها النبي اتق الله } في نقض العهد . وإنما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وأراد هو وأصحابه . ألا ترى أنه قال في سياق الآية : { إِنَّ الله كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } ثم قال : { إِنَّ الله كَانَ عَلِيماً } بما اجتمعوا عليه { حَكِيماً } حيث نهاك عن نقض العهد وحكم بالوفاء .