بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَيَسۡتَفۡتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِۖ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِيهِنَّ وَمَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّـٰتِي لَا تُؤۡتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرۡغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلۡوِلۡدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلۡيَتَٰمَىٰ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِۦ عَلِيمٗا} (127)

قوله تعالى : { وَيَسْتَفْتُونَكَ في النساء } أي يسألونك عن ميراث النساء ، نزلت في أم كجة التي ذكرنا في أول السورة { قُلِ الله يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ } أي يبين لكم ما لهن من الميراث { وَمَا يتلى عَلَيْكُمْ في الكتاب } أي وكتاب الله يفتيكم بذلك { في يتامى النساء } يعني في ميراث يتامى النساء { اللاتي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ } لا تعطونهن { مَا كُتِبَ لَهُنَّ } أي ما فرض لهن من الميراث { وَتَرْغَبُونَ } أي وتزهدون { أَن تَنكِحُوهُنَّ } لدمامتهن .

وروى معمر عن إبراهيم قال : كان الرجل يكون عنده اليتيمة الدميمة ولها مال ، ويكره أن يزوجها من غيره من أجل مالها . قال إبراهيم : وكان عمر يأمر الرجل إذا كانت عنده اليتيمة الدميمة ولها مال ، أن يتزوجها . وروى عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : كانت يتيمة في حجر رجل ، فأراد أن يتزوجها ولم يكمل صداق نصابها ، فأمروا بإكمال الصداق . وقال مجاهد : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئاً ، ويقولون : لا يغزون ، ففرض الله لهم الميراث وأمر لليتيم بالقسط . ثم قال تعالى : { والمستضعفين } يقول : يسألونك عن ميراث المستضعفين { مِنَ الولدان } ويقال : يفتيكم في المستضعفين من الولدان { وَأَن تَقُومُواْ لليتامى بالقسط } أي بالعدل { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ الله كَانَ بِهِ عَلِيماً } يجازيكم . وفي هذه الآية دليل على أن ما سوى الأب والجد إذا زوج اليتيمة جاز ، وفيه أنه إذا زوج من نفسه جاز إذا كانت غير ذي رحم محرم .