فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَيَسۡتَفۡتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِۖ قُلِ ٱللَّهُ يُفۡتِيكُمۡ فِيهِنَّ وَمَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلۡكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّـٰتِي لَا تُؤۡتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرۡغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلۡمُسۡتَضۡعَفِينَ مِنَ ٱلۡوِلۡدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلۡيَتَٰمَىٰ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَمَا تَفۡعَلُواْ مِنۡ خَيۡرٖ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِۦ عَلِيمٗا} (127)

ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما( 127 ) .

{ يستفتونك } يسألونك عن حكم الله .

{ يفتيكم } يبين الحكم فيما سألتم عنه . { ترغبون } تميلون .

{ أن تنكحوهن } نكاحهن وزواجهن ، بتقدير { في } أو { عن } .

{ المستضعفين من الولدان } الصغار من البنين ، والبنات .

{ تقوموا لليتامى } تنهضوا وتستوفوا الحق لليتامى .

روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها : { ويستفتونك في النساء- إلى قوله- وترغبون أن تنكحوهن } قالت عائشة : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووارثها فأشركته في ماله حتى في العذق( {[1546]} ) ، فيرغب أن ينكحها ( أي عن أن يتزوجها ) ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته ، فيعضلها ، فنزلت هذه الآية ؛ فكان المعنى : قل لمن يسأل عن أمر النساء وأحكامهن : الله يفتيكم فيهن ، والقرآن يبين لكم من أحكامهن ، ف { ما } في { وما يتلى عليكم } في موضع رفع ، عطف على اسم الله تعالى ؛ { في يتامى النساء } أي ما يتلى عليكم في شأنهن ، في شأن اليتيمة ، وهي الصغيرة من النساء التي لم تبلغ وقد مات أبوها ؛ والمقصود أن الرجل إذا كان في حجره يتيمة يحل له تزوجها فتارة يرغب في أن يتزوجها ، فأمره الله أن يمهرها أسوة أمثالها من النساء ، فإن لم يفعل فليعدل إلى غيرها من النساء ، فقد وسع الله عز وجل ، وهذا المعنى في الآية الأولى التي في أول السورة ، وتارة لا يكون له فيها رغبة لدمامتها عنده أو في نفس الأمر ، فنهاه الله عز وجل أن يعضلها ( {[1547]} ) عن الأزواج ، خشية أن يشركوه في ماله الذي بينه وبينها ، . . . وقال ابن عباس : { والمستضعفين من الولدان } كانوا في الجاهلية لا يورثون الصغار ولا البنات ، وذلك قوله : { لا تؤتونهن ما كتب لهن } فنهى الله عن ذلك وبين لكل ذي سهم سهمه ؛ وعن ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : قول الله عز وجل : { وترغبون أن تنكحوهن } : رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره ، حين تكون قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم عنهن ؛ { وأن تقوموا لليتامى بالقسط } كما إذا كانت ذات مال وجمال نكحتها واستأثرت بها ؛ { وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما } تهييجا على فعل الخيرات وامتثالا للأوامر ، وأن الله عز وجل عالم بجميع ذلك وسيجزي عليه أوفر الجزاء وأتمه ، . . . ،


[1546]:العذق: النخلة؛ والعِذق: العرجون بما فيه من الشمارخ، ويسمى: القنو.
[1547]:يمنعها.