{ واعبدوا الله } قال بعضهم : هذا الخطاب للكفار ، { واعبدوا الله } يعني وحدوا الله { وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } أي لا تثبتوا على الشرك . ويقال : الخطاب للمؤمنين { اعبدوا الله } ، يعني اثبتوا على التوحيد ولا تشركوا به . ويقال : { اعبدوا الله } يعني أطيعوا الله فيما أمركم به ، وأخلصوا له بالأعمال ، { ولا تشركوا به شيئا }ً . ويقال : هذا الخطاب للمؤمنين وللمنافقين وللكفار ، فأمر المؤمنين بالطاعة ، والمنافقين بالإخلاص ، والكفار بالتوحيد . وروى عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : كل عبادة في القرآن إنما يعني بها التوحيد . ويقال : هذه الآيات محكمات في جميع الكتب ، وذكر فيها أحكاماً كانت تعرف تلك من طريق العقل ، وإن لم ينزل به القرآن وهو قوله تعالى : { واعبدوا الله وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } { وبالوالدين إحسانا } يعني أحسنوا إلى الوالدين { وَبِذِي القربى } يعني صلوا القرابات . قوله : { واليتامى } يعني أحسنوا إلى اليتامى . ويقال : هذا أمر للأوصياء بالقيام على أموالهم . ثم قال تعالى : { والمساكين } أي عليكم بإطعام المساكين . ثم قال : { والجار ذِي القربى } أي عليكم بالإحسان إلى الجار الذي بينك وبينه قرابة ، فله ثلاث حقوق . هكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الجِيرَانُ ثَلاَثَةٌ : جَارٌ لَهُ ثَلاثَةُ حُقُوقٍ ، وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ ، وَجَارٌ لَهُ حَقُّ وَاحِدٌ . فَأَمَّا الجَارُ الَّذِي لَهُ ثَلاَثَةُ حُقُوقٍ فَالجَارُ القَرِيبُ المُسْلِمُ ، فَلَهُ حَقُّ الجِوَارِ ، وَحَقُّ القَرَابَةِ ، وَحَقُّ الإِسْلامِ . وَالجَارُ الَّذِي لَهُ حَقَّانِ : وَهُوَ الجَارُ المُسْلِمُ ، فَلَهُ حَقُّ الإِسلامِ ، وَحَقُّ الجِوَارِ . وَالجَارُ الَّذِي لَهُ حَقُّ وَاحِدٌ هُوَ الجَارُ الكَافِرُ لَهُ حَقُّ الجِوَارِ »
ثم قال تعالى : { والجار الجنب } يعني الجار الذي لا قرابة بينهما ، وهو من قوم آخرين { والصاحب بالجنب } أي الرفيق في السفر . وروي عن معاذ بن جبل أنه قال : الصاحب بالجنب يعني المرأة . ثم قال : { وابن السبيل } يعني الضيف ، ينزل عليكم فأحسنوا إليه ، وحقه ثلاثة أيام ، وما زاد على ذلك فهو صدقة . ثم قال : { وَمَا مَلَكَتْ أيمانكم } من الخدم أحسنوا إليهم . وقد روي في الخبر « أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ ، وَأَلْبِسُوهُمْ مِمَّا تَلْبَسُونَ ، وَلا تُكَلِّفُوهُمْ مَا لا يُطِيقُونَ ، فَإنَّهم لَحْمٌ وَدَمٌ وَخَلْقٌ أَمْثَالُكُمْ » رواه علي عن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « الله الله فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ » وذكر الحديث . وروي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالنِّساءِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُحَرِّمُ طَلاَقَهُنَّ ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالمَمَالِيكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لَهُمْ مُدَّةً إذَا انْتَهَوْا إِلَيْها أُعْتِقُوا ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِالسِّوَاكِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَن يُحْفِي فَمِي ، وَمَا زَالَ يُوصِينِي بِقِيَامِ اللَّيْلِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ خِيَارَ أُمَّتِي لَمْ يَنَامُوا لَيْلاً »
ثم قال تعالى : { إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } يعني من كان { مختالاً } في مشيه { فخورا }ً على الناس ؛ وهذا قول الكلبي . وقال القتبي : المختال ذو الخيلاء والكبر ، وهذا قريب من الأول . ويقال : { فخوراً } في نعم الله ، لا يشكرها ويتكبر على الناس .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.