بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ غَيۡرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلۡمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ عَلَى ٱلۡقَٰعِدِينَ دَرَجَةٗۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلۡقَٰعِدِينَ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (95)

ثم قال تعالى :

{ لاَّ يَسْتَوِي القاعدون مِنَ المؤمنين } يعني القاعدين عن الجهاد لا يكون حالهم مثل حال الذين يجاهدون في الثواب والأجر { غَيْرُ أُوْلِي الضرر } أي القاعدين الذين لا عذر لهم ، ومن كان له عذر فهو خارج من هذا . قال ابن عباس : يعني ابن أم مكتوم ومحمد بن جحش . ويقال : عبد الله بن جحش . فقال : إنا عميان فهل لنا من رخصة فنزلت { غَيْرُ أُوْلِي الضرر } . حدّثنا أبو الفضل بن أبي حفص ، قال : حدّثنا أبو جعفر الطحاوي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن داود ، قال : حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله الأوسي ، قال : حدّثنا إبراهيم بن سعد ، عن صالح بن كيسان ، عن ابن شهاب ، عن سهل بن سعد الساعدي قال : رأيت مروان بن الحكم جالساً في المسجد ، فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه { لاَّ يَسْتَوِي القاعدون مِنَ المؤمنين غَيْرُ أُوْلي الضرر } { والمجاهدون في سَبِيلِ الله } فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها عليَّ ، فقال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت . وكان رجلاً أعمى ، فأنزل الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي فثقلت عليَّ حتى خفت أن يرضَّ فخذي ، ثم سري عنه أي زال عنه التغير فأنزل الله تعالى : { غَيْرُ أُوْلِي الضرر } يعني : إلا أن يكون أولي الضرر .

قرأ نافع والكسائي وابن عامر : { غَيْرُ أُوْلِي الضرر } بنصب الراء ، وقرأ حمزة وعاصم وابن كثير وأبو عمرو { غَيْرُ أُوْلِي الضرر } بالضم . وقرأ بعضهم { غَيْرُ أُوْلِي الضرر } بالكسر . فمن قرأ بالضم جعله نعتاً ل { القاعدون } ، أي يعني لا يستوي القاعدون غير أولي الضرر . ومن قرأ بالنصب فهو على معنى الاستثناء ، ويقال : هو نصب على الحال . ومن قرأ بالكسر فلحرف الكسر { المؤمنين } .

ثم قال تعالى : { والمجاهدون في سَبِيلِ الله بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ الله المجاهدين بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ عَلَى القاعدين } أي بغير عذر { دَرَجَةً } أي فضيلة في الآخرة { وَكُلاًّ } يعني : المجاهدين والقاعدين والمعذورين { وَعَدَ الله الحسنى } أي وعد الله لهم الثواب وهو الجنة .

ثم قال تعالى : { وَفَضَّلَ الله المجاهدين عَلَى القاعدين أَجْراً عَظِيماً } أي بغير عذر .