الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{لَّا يَسۡتَوِي ٱلۡقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ غَيۡرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلۡمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ عَلَى ٱلۡقَٰعِدِينَ دَرَجَةٗۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلۡقَٰعِدِينَ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (95)

الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : لما ذكر الله فضيلة المجاهدين على القاعدين عن غيرهم في الجهاد أتى عبد الله بن أم مكتوم وعبد الله بن جحش الأسدي وليس الأزدي وهما عميان فقال : يا رسول الله ذكر الله فضيلة المجاهدين على القاعدين فأمر بالجهاد وحالنا على ماترى ونحن نلبي الجهاد فهل لنا من رخصة فنزل { غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ } في البصر فهم من الذين جاهدوا مع المجاهدين لزمانتهم .

وروى مجاهد عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : لما نزلت هذه الآية { لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } قال ابن أم مكتوم : اللهم أنزل عذري ، فنزلت ( غير أولي الضرر ) فوضعت بينهم وكان بَعد ذلك يغزو ويقول إدفعوا إليّ اللواء ويقول : أقيموني بين الصفين فإني لا [ استطيع ] أن أفرّ .

معمر عن ابن شهاب عن زيد بن ثابت قال : كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفخذه على فخذي وقد أملى عليّ { لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } فعرض ابن أم مكتوم قال : فبقيت فخذ رسول الله على فخذي حتى كادت تتحطّم ونزلت عليه { غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ } وبقية الآية { لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } عن الغزو أو الجهاد ، الذين هم غير أولي الضرر وهم أولي الزمانة والضعف في الدين والبصر ، والضرر مصدر ، يقال : رجل ضرير من الضرر .

وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : أولي . الضرر .

{ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ } أي ليس المؤمنين القاعدون عن الجهاد من غيرهم والمؤمنون المجاهدون غير أولي الضرر فإنهم يساوون المجاهدين ، لأن الضرر أقعدهم عنه والضرر رفع على نعت القاعدين ، ونُصِبَ على الاستثناء { فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً } أي فضيلة { وَكُلاًّ } يعني المجاهد والقاعد { وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى } ومن يجاهد [ الجنّة ، وزاد ] من فضل المجاهدين فقال { وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً *