بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{ٱلۡيَوۡمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُۖ وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ حِلّٞ لَّكُمۡ وَطَعَامُكُمۡ حِلّٞ لَّهُمۡۖ وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ وَٱلۡمُحۡصَنَٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلِكُمۡ إِذَآ ءَاتَيۡتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحۡصِنِينَ غَيۡرَ مُسَٰفِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِيٓ أَخۡدَانٖۗ وَمَن يَكۡفُرۡ بِٱلۡإِيمَٰنِ فَقَدۡ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (5)

وقوله تعالى : { اليوم أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات } يعني المذبوحات من الحلال ، يعني اليوم أظهر وبيّن حله .

ثم قال : { وَطَعَامُ الذين أُوتُواْ الكتاب } يعني ذبائح أهل الكتاب { حل لكم } يعني حلال لكم أكله { وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ } يعني ذبائحكم وطعامكم رخص لهم أكله . وقال الزجاج : تأويله أحل لكم أن تطعموهم لأن الحلال والفرائض إنما تعتمد على أهل الشريعة . ثم قال : { والمحصنات مِنَ المؤمنات } يعني أحل لكم تزوج العفائف من المؤمنات { والمحصنات مِنَ الذين أُوتُواْ الكتاب } يعني العفائف من أهل الكتاب { مِن قَبْلِكُمْ } يعني : أُعْطوا الكتاب من قبل كتابكم ، وهو التوراة والإنجيل ، واختلفوا في نكاح الصابئة ، وقد ذكرناه في سورة البقرة . ثم قال : { إذا آتيتموهن أجورهن } يعني أعطيتموهن مهورهن { مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مسافحين } يقول : كونوا متعففين عن الزنا { وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ } يقول : لا تتخذوا خِدْناً فتزنوا بها سراً ، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يعيِّرون من يزني في العلانية ولا يعيرون من يزني سراً ، فحرم الله زنى السر والعلانية ، فلما نزلت هذه الآية قلن نساء أهل الكتاب : لولا أن الله تعالى قد رضي بديننا لم يبح للمسلمين نكاحنا ، فنزل { وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ } قيل : نزل قوله { حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الميتة } ثم رخص من حالة الاضطرار ، فقال بعضهم : لا نأخذ الرخصة من الاضطرار فنزل { وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان } ويقال هذا ابتداء خطاب ، وهو لجميع المسلمين فقال : { وَمَن يَكْفُرْ بالإيمان } قال ابن عباس : يعني من يكفر بالتوحيد بشهادة أن لا إله إلا الله فقد حبط عمله . وقال مجاهد : معناه ومن يكفر بالإيمان { فقد حبط عمله } ، يعني بطل ثواب عمله . { وَهُوَ في الآخرة مِنَ الخاسرين } يعني من المغبونين في العقوبة ، ولهذا قال أصحابنا رحمهم الله : إن الرجل إذا صلى ثم ارتد ثم أسلم في وقت تلك الصلاة ، وجب عليه إعادة تلك الصلاة ، ولو كان حج حجة الإسلام فعليه أن يعيد الحج ، لأنه قد بطل ما فعل قبل ارتداده .