أخدان : جمع خدن . وهو : الصديق في السر . يطلق على الذكر والأنثى . والمراد من قوله : ولا متخذي أخذان . ولا مسرين بالزنى مع الصديقات .
5-الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ . . .
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ . أي : أبيح لكم المستلذات من الذبائح وغيرها ، وفي هذا دليل على سماحة الإسلام ويسره ورغبة الله الكريم في أن يتمتع عباده بالطيبات من الحلال في الطعام . والثياب والزواج والمسكن والدابة وشئون الحياة في غير ما إسراف ولا خيلاء . وفي حديث النبوي الشريف : " كل ما شئت والبس ما شئت ما تجنبك اثنتان الإسراف والمخيلة " {[181]} .
وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ : أي ذبائح اليهود والنصارى حلال لكم .
وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ . أي : ذبائحكم حلال لهم فلا حرج أن تطعموهم وتبيعوه لهم .
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ . أي : وأبيح لكم- أيها المؤمنون- زواج الحرائر العفيفات من المؤمنات .
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ . أي : وزواج الحرائر من الكتابيات- يهوديات أو نصرانيات- وهذا رأي الجمهور ، وقال عطاء : قد أكثر الله المسلمات وإنما رخص لهم يومئذ .
إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ . أي : أعطيتموهن مهورهن ، وقيد حل المحصنات من المؤمنات ، ومن أهل الكتاب بإتيانهن لتأكيد وجوبها ، لا لتوقف الحل على إتيانها ، فإن الزواج يحل بالصداق المؤجل ، كما يحل إذا تم بدون مهر- وللزوجة مهر المثل .
وسمى الله المهور أجورا ؛ لأنها عوض عن الاستمتاع بهن كما قال أين عباس وغيره .
وتسمى صداقا لأنها مشعرة بصدق رغبة باذليها في الزواج وقد فرضت لذلك ؛ إعزازا للمرأة وتكريما لها .
وقد اوجب الله أن يكون الغرض من الزواج ، الإحصان والعفة ، فقال تعالى : مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ . .
يشترط القرآن أن يكون المهر سبيلا إلى الإحسان والزواج الحلال ، ولا يجوز أن يكون المال وسيلة للسفاح والزنى فاتخاذ العشيقة والزنى بها محرم على الرجل والمرأة على السواء ، والأخذان : جمع خذن وهو الصديق ذكرا كان أم أنثى ، هنا في صفوة التفاسير للصابوني .
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ . أي : حال كونهم أعفاء بالنكاح غير مجاهرين بالزنى .
وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ . أي : وغير متخذين عشيقات وصديقات تزنون بهن سرا ، قال الطبري المعنى : ولا منفردا ببغيه قد خادنها وخادنته واتخذها لنفسه صديقة يفجر بها .
وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ . أي : ومن ينكر شرائع الإيمان وفروعه ، وقوانينه وأحكامه التي من جملتها : ما بين من الأحكام المتعلقة بالحل والحرمة .
فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ . فقد بطل عمله ، فلا يعتد به ، وضل سعيه ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ . ويكون في الآخرة من الهالكين .
وتعبير ومن يكفر بالإيمان فيه جدة وطرافة فالكفر في هذه المرة ليس بالله ولا باليوم الآخر ، ولا بالدين ولا بالشيء منه إنما هو الكفر بالإيمان ذاته . والتنكر لوجدان الإيمان ذاته ، ومن فارقه ؛ فقد حبط عمله ؛ لأنه انبت وابتعد عن الهدي والاعتقاد أصلا ، وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ .
" نطلع في هذه الآية على صفحة جديدة من صفحات السماحة الإسلامية ؛ فالإسلام لا يكتفي بأن يترك أهل الكتاب لما يعتقدون " .
لا يكتفي بأن يترك لهم هذه الحرية ، إنما يشملهم بجو من المشاركة الاجتماعية ، والمودة والمجاملة والخلطة فيجعل طعامهم حلا للمسلمين ، وطعام المسلمين حلا لهم ، وكذلك يجعل العفيفات من نسائهم طيبات للمسلمين ، يقرن ذكرهن بالعفيفات المسلمات وهي سماحة لا يفيض بها إلا الإسلام من بين سائر الأديان .
فإن الكاثوليكي المسيحي ليتحرج من نكاح الأرثوذكسية أو البوتستانتينية أو المارونية المسيحية ولا يقدم على ذلك إلا المتحللون عندهم من العقيدة .
وهكذا يبدو أن الإسلام هو العقيدة الوحيدة التي تسمح بقيام مجتمع عالمي لا عزلة فيه بين المسلمين وأصحاب الديانات الكتابية الأخرى ، ولا حواجز بين أصحاب العقائد المختلفة التي تظلها راية المجتمع الإسلامي . {[182]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.