ثم قال : { وَهُوَ الذي جَعَلَكُمْ خلائف الأرض } يعني : سكان الأرض من بعد إهلاك الأمم الخالية ، لأن النبي عليه السلام خاتم النبيين ، وأمته قد خلفوا جميع الأمم . ويقال : { خلائف } يعني : يخلف بعضكم بعضاً { وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجات } أي فضل بعضكم على بعض في المال والرزق { لِيَبْلُوَكُمْ فِيمَا آتاكم } يعني : ليبتلي الموسر بالغِنَى ويطلب منه الشكر ، ويبتلي المُعْسِر بالفاقة ويطلب منه الصبر . ويقال : { لِيَبْلُوَكُمْ } يعني : بعضكم ببعض كما قال الله تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ المرسلين إِلاَّ إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطعام وَيَمْشُونَ فِي الأسواق وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً } [ الفرقان : 20 ] .
ثم خوّفه فقال : { إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ العقاب } كأنه جاء لأن ما هو آتٍ فهو قريب ، كما قال : { وَمَا أَمْرُ الساعة إِلاَّ كَلَمْحٍ بالبصر } [ القمر : 50 ] { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } يعني : لمن أطاعه في فاقة أو غِنى . ويقال : { سَرِيعُ العقاب } لمن لم يشكر نعمته وكان مصراً على ذلك .
{ أَنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } لمن رجع وتاب { رَّحِيمٌ } بعد التوبة . ويقال : { سَرِيعُ العقاب } لمن لم يحفظ نفسه فيما أعطاه من فضل الله وترك حق الله في ذلك { وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ } لمن تاب { رَّحِيمٌ } بعد التوبة . قال الفقيه قال : حدثنا أبو الحسن بن حمدان بإسناده عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أُنْزِلَتْ عَلَيَّ سُورَةُ الأَنْعَامِ جُمْلَةً وَاحِدَةً وَشَيَّعَهَا سَبْعُونَ أَلَف مَلَكٍ لَهُمْ زَجَلٌ بالتَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّحْمِيدِ » قال . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مَنْ قَرَأ سُورَةَ الأنْعَامِ صَلَّى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لَهُ أُولئكَ السَّبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ بِعَدَدِ كُلِّ آيَةٍ في سُورَةِ الأنْعَامِ يَوْماً وَلَيْلَةً » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.