{ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ } يعني : الأمم الخالية حين لم يعتبروا بالشدة ولم يرجعوا : { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْء } من النعم والخصب ويقال : إن الله تعالى يبتلي العوام بالشدة ، فإذا أنعم عليهم يكون استدراجاً . وأما الخواص فيبتليهم بالنعمة والرخاء فيعرفون ويعدّون ذلك بلاء . كما روي في الخبر : إن الله تعالى أوحى إلى موسى بن عمران إذا رأيت الفقر مقبلاً إليك فقل : مرحباً بشعار الصالحين . وإذا رأيت الغنى مقبلاً إليك فقل : ذنب عجلت عقوبته فهؤلاء الذين أرسل إليهم ، ابتلاهم الله تعالى بالشدة ، فلم يعتبروا ولم يرجعوا ، فتح عليهم أبواب كل خير عقوبة لهم لكي يعتبروا فيها .
قال الفقيه : حدّثنا الخليل بن أحمد قال : حدّثنا عبد الله بن أحمد قال : حدّثنا أبو عتبة قال : حدّثنا محمد بن حمير عن شهاب بن خراش عن حرملة عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا رَأَيْتَ الله يُعْطِي عَبْداً مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعْصِيَةٍ مِمَّا يُحِبَّ فإنَّمَا ذلك مِنْهُ اسْتِدْرَاج » ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْء } الآية . وقال الحسن : والله ما أحد من الناس بسط الله له في الدنيا فلم يخف أن يكون قد مكر له فيها إلا كان قد نقص عمله وعجز رأيه . وما أمسكها الله تعالى عن عبد فلم يظن أنه قد خير له فيها إلا كان قد نقص عمله وعجز رأيه . { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكّرُواْ بِهِ } يعني : تركوا ما وعظوا به { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيْء } يعني : أرسلنا عليهم كل خير . ويقال : { فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلّ شَيء مِنَ الرزق } قرأ ابن عامر : { فَتَحْنَا } بالتشديد على معنى المبالغة . والباقون بالتخفيف { حتى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ } من أنواع الخير فأعجبهم ما هم فيه { أخذناهم بَغْتَةً } يعني : أصبناهم بالعذاب فجأة { فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } يعني : آيسين من كل خير . وقال مجاهد : الإبلاس : الفضيحة . وقال الفراء : المبلس : المنقطع بالحجة . وقال الزجاج : المبلس : الشديد الحسرة والآيس الحزين . وقال بعضهم : في الآية تقديم وتأخير . ومعناه : فلما فتحنا عليهم أبواب كل شيء ، ونسوا ما ذكروا به أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.