بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَخَلَفَ مِنۢ بَعۡدِهِمۡ خَلۡفٞ وَرِثُواْ ٱلۡكِتَٰبَ يَأۡخُذُونَ عَرَضَ هَٰذَا ٱلۡأَدۡنَىٰ وَيَقُولُونَ سَيُغۡفَرُ لَنَا وَإِن يَأۡتِهِمۡ عَرَضٞ مِّثۡلُهُۥ يَأۡخُذُوهُۚ أَلَمۡ يُؤۡخَذۡ عَلَيۡهِم مِّيثَٰقُ ٱلۡكِتَٰبِ أَن لَّا يَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِۗ وَٱلدَّارُ ٱلۡأٓخِرَةُ خَيۡرٞ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَۚ أَفَلَا تَعۡقِلُونَ} (169)

ثم قال : { فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ } يعني : بعد بني إسرائيل خلف السوء { وَرِثُواْ الكتاب } يعني : التوراة { يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذا الأدنى } يقول : يستحلون أخذ الحرام من هذه الدنيا وهو الرشوة في الحكم { وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا } قال مجاهد : يعني : يأخذون ما يجدون حلالاً أو حراماً ويتمنَّون المغفرة { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } أي وإن يجدوا مثله من العرض يأخذوه . ويقال : معناه أنهم يصرون على الذنوب وأكل الحرام ، فإذا أخذوا أول النهار يعودون إليه في آخر النهار ولا يتوبون عنه . ويقال : يطلبون بعلمها الدنيا . ويقال : يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون : سيغفر لنا هذه المرة . { وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه } ويقولون مثل ذلك : أي سيغفر لنا لأنا لا نشرك بالله شيئاً . وقال سعيد بن جبير : { يأخذون عرض هذا الأدنى } . يقول : يعملون بالذنوب . ويقولون : سيغفر لنا ما عملنا بالليل كفر عنا بالنهار . وما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل . { وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ } يعني : الذنوب . قال الله تعالى : { أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مّيثَاقُ الكتاب } يعني : ألم يؤخذ عليهم ميثاقهم في التوراة { أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الحق } أي : إلا الصدق { وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ } أي قرؤوا ما فيه { والدار الآخرة خَيْرٌ لّلَّذِينَ يَتَّقُونَ } أي : يتقون الشرك ، ويحلون حلاله ، ويحرمون حرامه { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } أن الآخرة خير من الدنيا .

ويقال : { أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } ما يدرسون من الكتاب . ويقال : { أَفَلاَ يَعْقِلُونَ } أن الإصرار على الذنوب ليس من علامة المغفورين ، قرأ نافع وابن عامر وعاصم في رواية حفص أَفَلا تَعْقِلُونَ بالتاء على وجه المخاطبة . وقرأ الباقون بالياء على وجه المغايبة .